حدث يوم الجمعة الماضى أن قررت وزارة الأوقاف أن تتبع صلاة الجمعة بصلاة جهرية على سيدنا النبى محمد عليه الصلاة والسلام، ولا أعرف ما السبب وراء هذه الدعوة، فالصلاة على النبى دائمة قبل صلاة الجمعة وبعدها، وفى كل وقتٍ وحينٍ، فما الداعى لتحديد وقت معين، ومع ذلك نقول ما الضرر فى ذلك، إنه أمر طيب أن ننهى صلاتنا بالصلاة على الحبيب المصطفى.
كنت أظن الأمر بسيطًا، وأن الصلاة على سيدنا النبي، عليه الصلاة والسلام، أمر احتفالى لا يضر أحدًا فى شيء، وأنا فى الحقيقة لا أعرف إن كان التراث الدينى يؤيد ذلك أم لا، وإن كانت كتب التراث فيها ما يدفعنا لذلك أو ينهانا عنه، لذا لن أخوض فى هذا الأمر، ولكن عن نفسى وبشكل شخصى تمامًا لم أرَ فى الأمر ما "يثير الغضب"، بل على العكس من ذلك، قلت فى نفسى، إن يعلو صوت الناس بالصلاة على النبى الكريم أفضل مليون مرة من أن يتحدثوا فى أمور أخرى تتعلق بنميمة فلان أو سيرة علان.
لكن يبدو أن الموضوع كبير وأنا لا أعرف، تخيل يا مؤمن أن خطيب الجمعة ظل يخطب ويعلو صوته بأن الصلاة على النبى جهرًا لا تجوز، وأن كتب التراث لم تقل ذلك، وأنه لم يرد عن الصحابة الكرام، رضوان الله عليهم، أنهم صلوا على النبى عليه السلام، وأن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب، وهما من هما، لم يفعلا ذلك، وأن ذلك "بدعة محدثة" تقصد الضرب فى الدين!.
لن أقول إن كلامه صحيح أو خطأ، لأننى لست مؤهلا للحكم عليه، ولكن أقول له: "ما الداعى أن تضيع وقت الخطبة لتقول لنا لا تصلوا على النبى جماعة، ولماذا لم تحدثنا عن محبة الأخوة أو الصبر أو العمل أو الإيمان أو جهاد النفس، أو الحياة الطيبة المطمئنة، أو الاهتمام بالزوجة، أو احترام الجار، أو غير ذلك من الأمور والموضوعات التى تهم الناس وتفيدهم فى حياتهم اليومية، لماذا رأيت كل هذا الخطر فى أن يصلى الناس جماعة على سيدنا النبي!؟".
يرى البعض أن ذلك جزء من صراع طويل بين الصوفية والسلفية، وربما هو كذلك، لكنها معركة "غريبة" ترهق الناس ولا تفيدهم شيئًا فى دينهم أو دنياهم.
ونحن فى النهاية لا نملك سوى أن نصلى على سيدنا النبى، عليه الصلاة والسلام، وأن نرجو من خطباء المساجد عامة أن يفيدوا الناس بما يقولون، وأن يعرفوا أحوالهم وظروفهم فيحدثونهم فيما يفيدهم.