مصر تعيش حاليا مرحلة مهمة للغاية فى تاريخها وهى مرحلة إدارة الثروات فوق الأرض وتحت الأرض. ثروات ظلت مهملة طوال عقود سابقة بعيدة عن سيطرة الدولة يستفيد منها قلة من المنتفعين بتصديرها بأبخس الأثمان إلى الخارج كمادة خام.
هل تعرف – مثلا- أن طن الرمال السوداء قبل تدخل الدولة كان يباع مادة خام للخارج بحوالى 20 دولار فقط..! وخسرت مصر ملايين الدولارات على مدار سنوات كثيرة، قبل أن تنتبه إلى أهمية هذه الرمال واستغلالها وإنشاء مصانع لها فى كفر الشيخ وبحضور الرئيس فى أكتوبر الماضى، كانت إشارة مهمة إلى مرحلة اقتصادية جديدة لمصر بإدارة واستغلال ثرواتها والاستفادة منها محليا وخارجيا بأقصى استفادة.
ويوم الخميس الماضى جاءت إشارة ورسالة أخرى، بالمضى قدما فى المرحلة الجديدة، فقد دشن الرئيس مجمع صناعى جديد لاستغلال معادن وثروات مصر لمجمع انتاج ألواح «الكوارتز» بالعين السخنة، ومصر تعد الدولة الوحيدة على مستوى العالم التى تمتلك المقومات الكاملة لإنتاج «الكوارتز» من حيث المادة الخام ثم التصنيع، وهو من أجود وأنقى أنواع الكوارتز على مستوى العالم فى مرسى علم بالبحر الأحمر، بجانب مجمع المصانع بالسويس الذى يتكون من 5 مصانع ضخمة.
ببساطة الكوارتز هو عبارة عن بلورة صلبة من الأكسجين والسيليكون، وهو ثانى أكثر المعادن التى توجد على سطح الأرض، وفى بعض الأحيان يتم الحصول عليه ممزوج ببعض من المعادن الأخرى، بالإضافة إلى أنه من المعادن القاسية التى تتكون بصورة طبيعية ولم يتم تأكلها ببساطة. وتتمتع بدرجة كبيرة من الانصهار ويتحمل أيضاً درجات حرارة عالية، ويتم الحصول على حجر الكوارتز من الصخور النارية والمتحولة والرسوبية، ويتمتع بكونه مقاوم شديد للعوامل الجوية الميكانيكية والكيميائية. كما يتمتع معدن الكوارتز أيضا بأنه من غير لون ويكون باللون الأبيض الشفاف ويتمتع ببريق زجاجى وهو المعدن الأكثر شهرة أعالى الجبال والمكون الأساسى لرمال الصحراء وشواطئ الأنهار.
أما أهم استخداماته فهى استعماله فى صناعة الإلكترونيات، فى صناعة السيراميك، صناعة الساعات. كما يستخدم فى صناعة البلورات الصناعية.، وكنوع من الحشو لصناعة المواد اللاصقة.
وصناعات السكك الحديدية والتعدين والمجوهرات والأحجار الكريمة. ويمكن أيضاً استخدامه فى صناعة الحاويات المستخدمة لحمل المواد الكيماوية لإجراءات بعض الاختبارات الكيماوية أو الحرارة.
حجر الكوارتز له فوائد علاجية وجمالية أيضا، فهو يساعد على رفع مستوى المناعة فى جسم الإنسان ويساهم فى تنظيم أداء النشاط المتعلق بالجهاز المناعى التى توجد بجسم الإنسان.
ويعمل على تحسين الدورة الدموية ويحفز ضخ الدم، ويقضى على الشعور بالصداع والألم الذى ينتج عن الشعور بالتعب والجهد.، يمكن له المساعدة فى خسارة الوزن الزائد وتنظيم عملية الأيض بالجسم.، ويخلصه تماماً من الجهد والتعب علاوة على تحسين الحالة الصحية للمعدة وعملية الهضم.، يمكن أن يخلص الجسم من المواد الضارة والسموم التى توجد بالدم، ويخلص من آلام الحروق والجروح ويحسن من الوظائف المتعلقة بالعقل وارتفاع القدرة على التركيز.
ورغما من أن الحجر له شهرة كبيرة إلا أن المعتقدات المتعلقة به قوية جدا وبالتحديد الخاصة بطاقة الشفاء نظرا لما يحتويه من فوائد عظيمة، بالإضافة إلى استخدامه لمدة طويلة كنوع من أنواع مصادر القوة والطاقة.
عقب الافتتاح كان لدى شغف إذا كانت مصر تصدر أم تستورد الكوارتز، استعنت بأحد الأصدقاء الخبراء فى الاقتصاد الدكتور يسرى الشرقاوى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، عرفت منه أن مصر تصدر حاليا تقريبا بـ 70 مليون دولار وإجمالى حجم السوق العالمى 9 مليارات دولار من الكوارتز ومن المتوقع أن يصل إلى حوالى 12 مليار دولار بحلول 2030.
هل لدى مصر فرصة حقيقية لزيادة صادراتها بحيث يكون لها حصة عالمية من سوق الكوارتز العالمى..؟
بالتأكيد، فمصر تعتبر ثانى أكبر دولة تمتلك احتياطى من هذا المعدن، وبعد افتتاح هذا المصنع لدينا فرصة لتصدير ما بين ٢-٣ مليار دولار سنويا من هذا الصنف، بالإضافة إلى أنه سيفتح الباب أمام مجالات لمنتجات ذات قيمة مضافة قادمة من هذه الصناعة تحقق مصادر دولارية أخرى.
مصر أمام فرصة ذهبية بادرة ثرواتها بصورة تحقق لها القيمة المضافة سواء بتقليل الاعتماد على الاستيراد والوصول لمرحلة الاكتفاء والتصدير بالتالى توفير العملة الدولارية.
مجمع مصانع الكوارتز الذى افتتحه الرئيس السيسى يوم الخميس الماضى يعد الأول من نوعه، ليس فى مصر والمنطقة العربية والقارة الإفريقية فحسب، بل على مستوى العالم، من حيث تكامل العملية الإنتاجية، بدءًا من استخراج الخام، ووصولًا إلى تصنيع منتجات متنوعة منه، كالرقائق والألواح والأحجار والبودرة، وغيرها، بالاستفادة من خبرات مجموعة " برايتون" الصناعية الإيطالية الضخمة التى تأسست عام 63 ولديها أنشطة فى أكثر من ١٠٠ دولة، ولديها أكثر من ١٧٠٠ براءة اختراع. وهنا نوجه الشكر والتقدير للشركة المصرية للتعدين وإدارة واستغلال المحاجر والملاحات»، التابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة، بإنشاء هذا المجمع الذى يضاف إلى سلسة المشروعات الصناعية الكبرى منذ أن تولى الرئيس السيسى مقاليد الحكم فى عام 2014 وخير مثال على إمكانية تحقيق الاستفادة القصوى من ثرواتنا ومواردنا الطبيعية، التى كانت مهدرة، أو مهملة، أو تتعرض للسرقة.
افتتاح المجمع وفقا للمجموعة الإيطالية، معناه بدء نشاط أول مصنع متكامل لإنتاج ألواح الكوارتز التى سيتم تصديرها، بشكل أساسى، كجزء من مشروع الدولة المصرية لتصدير منتجات عالية القيمة والجودة.
المجمع يضم خمسة مصانع، أولها بمنطقة مروة السويقات فى مرسى علم، الذى افتتحه الرئيس السيسى، عبر «الفيديو كونفرانس»، على مساحة ٢٥٠ ألف متر مربع، لتكسير خام الكوارتز إلى أحجام صغيرة بمقاسات من ٣ إلى ٥ سم. بينما تقع المصانع الأربعة الأخرى بالعين السخنة على مساحة ٣٠٠ ألف متر مربع: مصنع رئيسى، يقوم بتكسير ناتج المصنع الأول إلى حبيبات أصغر، بعد إجراء عمليات الفصل الضوئى والغسيل، ومصنعان لطحن الخام إلى حبيبات بالغة الدقة، يستخدمها المصنع الخامس فى إنتاج ألواح الكوارتز.
المصانع الخمسة تستخدم الطاقة النظيفة وهو ما آهل المجمع للحصول على شهادة الأيزو فى مجال الحفاظ على البيئة، مع شهادات أخرى عن تطبيقه أحدث المعايير فى مجال الصحة والسلامة المهنية، واتباعه أحدث النظم العلمية فى الاختبار ومراقبة الجودة أثناء عملية التصنيع، وبعدها، بالاعتماد على أحدث الأجهزة المعملية وأكفأ المهندسين والكيميائيين. كما يضم المجمع، أيضًا، محطة لتحلية المياه ومحطات لإعادة تدوير المياه المستخدمة بخطوط الإنتاج، ومناطق إدارية ومعيشية للعاملين فى المصنع، كلهم من المدنيين، وبعضهم تلقى تدريبًا فى الشركة الإيطالية. وطبيعى أن نشير هنا إلى أن المجمع قام بتوفير ٦٠٠ فرصة عمل مباشرة و٢٠٠٠ فرصة عمل غير مباشرة.
التصنيع- وبالتوازى معه الزراعة- هو طريق الخروج من عنق الأزمة الحالية، إضافة إلى الإدارة الجيدة للثروات والموارد الطبيعية لمصر وزيادة الإنتاج وتقليل الاعتماد على الواردات والارتقاء بزيادة مساهمة الصناعة فى الدخل القومى إلى ما يقرب من 30% والفرصة متاحة الآن وبقوة أمام القطاع الخاص للمشاركة بجدية فى خطة التنمية الصناعية والزراعية.