لا شك أن كافة القطاعات الاقتصادية داخل مصر شهدت تطورا كبيرا وغير مسبوق منذ عام 2014 وحتى الآن، فما كان يستغرق تنفيذه سنوات عديدة، أصبح الآن ينفذ فى غضون شهور قليلة، هذا الزخم الكبير الذى تشهده مصر سببه المشروعات القومية، فهى كانت الأداة الحقيقية للنهضة العمرانية التي تشهدها مصر الآن، فكانت مشروعات الطرق البداية، وبعدها مشروع قناة السويس الجديدة، ثم جاءت مشروعات الإسكان بمختلف أنواعها، وعقبها بدأ تنفيذ مدن الجيل الرابع، ثم مشروعات لوجستية وأخرى تتعلق بالبترول، وغيرها بالذهب وخلافه.
مشروعات عديدة، ساهمت في تأهيل شركات المقاولات المصرية، لتجعل منها منافسا قويا لشركات المقاولات العالمية، فمن ناحية استطاعت الشركات المصرية في منافسة الشركات العالمية والحصول على مشروعات خارج مصر سواء في دول أفريقية أو عربية والفوز بمناقصات كبرى، وهو ما وفر فرص عمل للشباب من مهندسين وفنيين وعمال وغيرهم، بجانب جلب عملة صعبة للبلاد، وغيرها من المزايا والتى ساهمت في رفع العلم المصرى على مشروعات كبرى في دول عدة، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، ساهمت تلك المشروعات في تأهيل الشركات المحلية وجعلها قادرة على تنفيذ المستحيل، وتنفيذ مشروعات كبرى في وقت قياسى أدى الى استغناء مصر عن شركات مقاولات أجنبية كانت تأخذ مستحقاتها بالدولار، وهو ما كان يمثل عبء ثقيل على كاهل الدولة في ظل الظروف الصعبة التي مرت بها مصر عقب ثورة يناير 2011.
ولا شك أن قطاع المقاولات يمثل ثالث أهم قطاع في مصر، فهو يد الدولة في تنفيذ المشروعات القومية، وكذلك مشروعات القطاع الخاص، كما يمثل القوى الناعمة في تحسين العلاقات بين الدول وبعضها البعض، فضلا عن أنها كانت الأداة الحقيقية في التغلب على زيادة نسبة البطالة وخاصة عقب عودة العمالة المصرية من الدول العربية عقب ثورات الربيع العربى.
كما أن عزيزى القارئ أدركت الحكومة المصرية أهمية ذلك القطاع، فوضعت استراتيجية لدعم أواصر التعاون والتكامل الاقتصادى بين مصر والدول العربية والأفريقية وسبل الدمج بين الكيانات الصناعية المتخصصة فى سبيل تحقيق مخططات أجندات التنمية التى تحملها حكومات الدول الخارجية، وتتطلع إلى تحقيق التنمية المستدامة لضمان حياة أفضل لشعوبها، فأصبحت تسعى الحكومة بالتنسيق مع اتحادات المقاولين لدعم شركات المقاولات لكى تغزو الأسواق العربية والإفريقية لكى يكون للشركات المصرية النصيب الأكبر في المشروعات التي تنفذ داخل أراضى تلك الدول، وخاصة أن أفريقيا ترصد أكثر من 480 مليار دولار لتنفيذ مشروعات بنية تحتية، بحيث يتم انفاق 170 مليار دولار سنويا.
الخلاصة، نجد أن فكر الدولة والقطاع الخاص نحو قطاع المقاولات ، اختلف بصورة كبيرة، ففكر القطاع الخاص الذى كان يقتصر على تنفيذ العمارات فقط وتنفيذ طرق من خلال استئجار معدات وعمالة، أصبح الان هناك كيانات كبرى تسمى شركات المقاولات المعروفة، كما أصبح هناك اتحاد يسمى بالاتحاد المصرى لمقاولى البناء والتشييد، له دور فعال في تصنيف تلك الشركات طبقا للقدرة على تنفيذ المشروعات والملاءة المالية، ودور في تشجيع وتوصيل تلك الشركات للدول الأخرى، أما الدولة فأصبحت على يقين وتؤمن بأهمية هذا القطاع سواء داخل مصر أو خارج مصر، فأصبحت تقدم له دعم كبير ايمانا منها بأهمية ذلك القطاع في تنفيذ المشروعات وتوفير فرص عمل، ورفع علم مصر على مشروعات كبرى في دول أجنبية وعربية وإفريقية.