في ظل محاولات طمس هويتنا، وحروب الجيل الرابع والخامس التي تستهدف قيمنا الأخلاقية وهويتنا الوطنية، أصبحت التحديات كبيرة أمام عالمنا، فمن منا الآن لم يشعر بالخطر، فهل حاضرنا كماضينا..؟ وهل نرى الآن صفات المروءة والشهامة والرجولة والجدعنة كما كانت في الماضى..؟.. فماذ جرى وماذا يجرى ولماذا نحن غافلون ؟
الإجابة.. إننا نعيش في زمن عز فيه الشرف، شرف الكلمة وشرف الأخلاق وحتى شرف الإنسانية، لذا يجب علينا أن ندق ناقوس الخطر، فأخطر غزو هو غزو العقول لا غزو الطائرات والدبابات، فأعداؤنا يعلمون علم اليقين أن لا أمان لحضاراتهم إلا بتدمير أسباب وجودنا على ساحة التاريخ، فهم يدركون حق الإدراك أننا نمتلك هوية أخلاقية وحضارة روحية نستطيع أن نستقل عنهم وأنه لا ينقصنا سوى التقدم الصناعى فحسب.
لذا فحربهم علينا دائمة ومستمرة، فهم يحرصون كل الحرص أن لا نمتلك التقدم الصناعى - سر قوتهم وسلاحهم -، فيصرون على أن نكون دائما عالة عليهم، فلا صناعة لدينا ولا تكنولوجيا، وفى نفس الوقت يستمرون في حربهم وغزوهم التاريخى لنا للقضاء على أجمل ما فينا، وتدمير سر قوتنا، وذلك بمسح أسباب وجودنا على ساحة التاريخ بالتشكيك والطعن الدائم في حضارتنا ورموزنا، وتسليط الضوء على مراحل الضعف في حضارتنا، والعمل على وصم رموزنا بما لا يليق بالتضليل والتشكيك، والتشويه، وللأسف نحن نساعدهم على ذلك كثيرا، وفى نفس الوقت يسعون إلى تمجيد رموزهم وتصديرهم إلينا ونحن وللأسف أيضا نبتلع الطعم ونصدقهم بل نكون في حالة إبهار وإعجاب، ونتخذهم قدوة لنا في كثير من حياتنا، وندّرسهم كنماذج فخر على حساب رموزنا التاريخية، فها هو مثلا عمرو بن العاص يحاولون تشبيهه بأنه مجرم حرب، فيما يُصدر إلينا نابليون بونابرت كفاتح عظيم ومُلهم، وها هو عباس بن فرناس مخترع الطائرة يحاولون وصفه بأنه رجل مجنون فيما يصدرون إينشتاين – عالم فذ لا مثيل له، وهو صاحب مشروع القنبلة النووية التي قتلت مئات الآلاف من الأبرياء ومحل تهديد لفناء البشرية..
نهاية.. إذا أردنا النجاة حقا، فليس أمامنا إلا التمسك بهويتنا الحضارية، وامتلاك التقدم الصناعى حتى ولو على حساب قوت يومنا، وأن نعلم جيدا أنهم لن يتركونا أن نحقق هذا بسهولة وبساطة.. فالخلاص يبدأ من تضامننا وتماسكنا والتسلح بوسائل الحداثة مع الحفاظ على هويتنا الوطنية والأخلاقية والتاريخية..