مباراة الأهلي والوداد على لقب نهائي دوري أبطال أفريقيا لموسم 2022-2023 فرصة للانتقام من بطل المغرب بعد خسارة نهائي النسخة الماضية من البطولة، يروج البعض لهذه النظرية خلال الأيام الماضية على ساحات "السوشيال ميديا"، ويتناسى أو يتعمد أصحاب تلك الفكرة أن لعبة كرة القدم للمتعة والروح الرياضية وليست للثأر أو الانتقام.
معروف أن اللهث وراء فكرة الانتقام دائمًا يقود صاحبها إلى الفشل الذريع، وما يردده البعض من هواة "ركوب التريند" وارد جدًا يكون له تأثير سلبي على لاعبى الأهلى حال التركيز على فكرة الثأر أو شيء من هذا القبيل.
مواجهة الأهلى والوداد هي مباراة على تحديد صاحب لقب البطولة الأفريقية وليست معركة حربية، فمباريات كرة القدم مثل أي لعبة عبارة عن منافسة بين طرفين، يطمح كل منهما إلى الفوز بهدف تتويج فائز واحد ، والفوز لا يتحقق إلا بمجهود كبير وتركيز أكبر للتفوق على الخصوم، فالمجهود الذهني والبدني والنفسي ضرورة قصوى في مثل هذه المناسبات، وبالتبعية هو مرتبط بعمل جهاز فني محترف وقواعد جماهيرية وموارد مالية، ومن الطبيعي أن تتأثر الانتصارات بتلك المؤثرات، والتي لا يمكن إغفالها أبدًا عند المنافسات الكبيرة.
"عندما تعطيك الحياة فرصة للانتقام".. هذه المقولة التي يستند عليها البعض من أصحاب فكرة الأهلي يجب أن يثأر من الوداد لخسارة لقبين دوري أبطال أمام بطل المغرب، كانت الأولي عام 2017 ، والثانية العام الماضي في النهائي الذي النهائي من مباراة واحدة بالرباط، وهنا أؤكد مرة أخرى أنها فكرة خاطئة مليون %، لأننا بالرجوع إلى الوراء سنجد أن العوامل المحيطة بهاتين المرتين كانت صاحبة العامل الأكبر في الخسارة، بعد خروج اللاعبين عن قضبان التركيز داخل الملعب والتفكير فيما يحدث خلف الكواليس.
الهدوء الكبير في مثل هذه المواجهات الصعبة، يعد العامل الأساسي في رحلة الوصول إلى الهدف المطلوب، فيجب على مسؤولي الأهلي العمل على تهيئة المناخ المناسب في جميع الاتجاهات لتحفيز اللاعبين مثل حلم تحقيق اللقب الحادي عشر ودخول التاريخ لحصولهم على 3 ألقاب في 4 سنوات، والابتعاد عن أية عوامل سلبية تؤثر على الاستعدادات ومنها فكرة الانتقام وأطقم التحكيم والضغط الجماهيري من المنافس وهكذا.
أعجبتني تصريحات سامى قمصان المدرب العام في الجهاز الفني للأهلي، عندما قال: "لن تكون مواجهتنا أمام الوداد بهدف الانتقام أو الثأر، يمكن العام الماضي لم يكن لدينا حظوظ والجميع يلعب كيف كانت ظروف المباراة".
وأضاف قمصان:" الوداد له تاريخ لكن يبقى الأهلي صاحب الحظ الأوفر لأنه أكتر نادٍ إفريقي حقق بطولات قارية، ولدينا ثقة في تحقيق الفوز ،ونرحب بالأخوة المغاربة وهذه رياضة في النهاية".
إذا تأملت التصريحات فى عالم كرة القدم فستجد نفسك تدخل لعالم موازى وغريب ،حيث ستشاهد تصريحات كثيرة عن لحظات العودة من بعيد، رد الاعتبار والانتقام، الانتصار الذي يأتي بعد إخفاقٍ كبير، لكن في رأيي تصريح مثل الذي أطلقه قمصان هو الأفضل لمنح الأمل والتركيز بحثا عن صناعة تاريخ للبطولة فهي الذكريات التي تظل عالقة في أذهان الجماهير، ومن أجلها تُلعب كرة القدم.
كما أن السحر الحقيقي هو مشاهدة منافسات كروية قوية داخل الملعب فقط يغلفها روح رياضية بين جميع اللاعبين، على أن نبارك للفريق الفائز ونقول: "هرد لك للفريق الخاسر"، لأن كما قلت سابقا أن كرة القدم لعبة لا تعترف بالنسبية ولكن تعترف بالعقل والمنطق وليست بالتصريحات البعيدة عن الواقع أو لأهداف خاصة، فمن حق الجميع أن يدافع عن انتمائه.
هنا أتمنى أن يضع لاعبي الأهلي أحلام المشجعين عشاقهم أمامهم، وما يقال على ساحات مواقع التواصل الاجتماع خلفهم، من أجل تحقيق أحلامنا جميعًا، وكما قال أجدادنا في الحكم الشعبية زمان: "العمل المتسم بالشجاعة متسم بالإنجازات والشهرة".. والكرة الآن في ملعب لاعبينا، فالآمر بات متروكاً للجهد والعرق داخل "حلبة" الساحرة المستديرة فى انتظار لحظة السعادة وحصد اللقب الحادي عشر.
الخلاصة تقول: إذا أردت تحقيق أحلامك ، سواء كنت لاعبا أو تمتهن أي مهنة أخرى، فعليك الابتعاد عن نظرية الانتقام والثأر أو ما شابه من هذا القبيل، مع التركيز في عملك وتطوير نفسك حتى تحقق ذاتك وتصل إلى أهدافك المطلوبة.