أربعون عاما من الحضور

القطارات ترحل فوق قضيبين ما كان ما سيكون مرت في صمت في الأسبوع الأخير من مايو الذكرى الأربعون لرحيل الشاعر أمل دنقل، وهو الذي ما زالت قصائده وتجاربه الشعرية تمدنا حتى الآن برافد ممتد للقصيدة العربية. ولد أمل دنقل في قنا عام 1940 وتوفي في مايو 1983 بالقاهرة، وبين التاريخين كانت حياته مفعمة بالحركة والإبداع، وإن تميز بميله القومي الواضح غير أن عديدا من النقاد يعتبرونه واحدا من أهم رواد التجديد في الشعر العربي في النصف الثاني من القرن العشرين، وكان تمرده على التقاليد المستقرة للشعر العربي بابا مهما لرؤية قصيدته بوصفها إحدى النقلات النوعية المهمة في التعبير الشعري العربي الذي يتكئ على التراث لإنتاج رؤية جديدة، رؤية طموحة تعتمد على سلاسة التعبير مع عمقه الشديد، إضافة إلى تطعيم القصيدة بعناصر سردية جذابة، ربما تأثر فيها أمل بوظيفة الشاعر الشعبي منشد السيرة في الصعيد، فاستطاع المزج بين الحكاية والشعر في قالب واحد، بل استغل ذلك في إعادة إنتاج مسرودات عربية ومصرية في قالبه الشعري الخاص، مثل عنترة وزرقاء اليمامة وصلاح الدين وقطر الندى والزير سالم، وغيرهم العديد من الشخصيات التي استطاع أن يستغلها للتعبير عن قضايا راهنة في الواقع المصري والعربي في حينه. لا تصالح ولو منحوك الذهب أترى حين أفقأ عينيك ثم أثبت جوهرتين مكانهما هل ترى هي أشياء لا تشترى. (لا تصالح) تلك القصيدة التي كانت تعبيرا عن موقف شعبي في حينها من كامب ديفيد، لكنها في ذات الوقت اعتمدت على حرب البسوس في بناء رؤية للحاضر قائمة على إعادة إنتاج التاريخ في صورة جديدة. ربما يكون لشعر أمل دنقل الأثر الكبير في حركة الشعر العربي الحديث، لكن المؤكد أنه شخصية مصرية حقيقية انتمت لهذا الوطن، وحاولت بكل ما لديها من قوة الدفاع عن ثوابته وهويته، وعلى الرغم من أنه قد توفي في ريعان الشباب عن ثلاثة وأربعين عاما متأثرا بإصابته بالسرطان، فإن وجود أمل دنقل على خارطة هذا الوطن تحتاج منا إلى وقفة، فهو أحد الأصوات التي يفترض أن يعرفها أبناؤنا وربما يكون لكثير من قصائده الحق في التواجد في مناهج التعليم قبل الجامعي ترسيخا لقيمة الوطن وقيمة الإبداع. وإذا كان السؤال المشروع الذي يطرح نفسه يدور حول عدم الاحتفاء بمثل هذه الذكرى في موعدها، فإن الواجب علينا أن نتذكر أمل دنقل، وشعره، وحياته التي وهب كثيرا منها للدفاع عن قضايا هذا الوطن وعن هويته المتجذرة في التاريخ، المتوهجة في الحاضر. وكم من ذكريات ورموز كان يجب الاحتفاء بها لكنها مرت ولم نستطع غرسها في وجدان أبنائنا.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;