منذ أن تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي مقاليد الحكم في مصر وهو يدرك أن هذا الوطن يواجه تحديات جسام ومحاولات مضنية لاعتلاء إرادة أبنائه، وتقويض حلمهم فى بنائه، وهو القائل دائما في أكثر من مناسبة: لا يخفى عليكم ولا على أحد تعاظم خطر الإرهاب على المستويين الإقليمى والدولى، وما صاحب ذلك من تطور هائل فى قدراته وتنظيماته، وباتت هناك دول وأجهزة تدعم الجماعات الإرهابية الراديكالية بالتمويل والتنظيم والتدريـب، وجعلت من وسائل إعلامها بوقا للإرهاب بجرأة وعناد غير مسبوقين، وهذه الدول قد بات دورها المشبوه واضحا جليا مسجلا فى صفحات سوداء من كتاب الإنسانية، ولم يعد هذا الدور غير معلوم للمجتمع الدولى بأسره، وعلى مدار السنوات الماضية، استهدف الإرهاب الأسود المدعوم من هذه الدول مصر بشراسة وإصرار، وكلما ازدادت عزيمتنا على مواجهته بالفكر والبناء والتنمية، وكلما تحققت إنجازات على الأرض فى سبيل استعادة الدولة المصرية ومؤسساتها، ازدادت شراسة المخططين له.
وعلى الجانب الآخر لاينكر الرئيس السيسي أننا نواجه تحديات اقتصادية كبيرة تراكمت على مدار عقود مضت، وباتت مواجهتها واجبة لا تحتمل تأخيرا أو تسويفا، وهو ما تزامن ذلك مع تراجع فى الإيرادات العامة للدولة، من عوائد السياحة والإنتاج، وفي هذا يقول: كان واجبا على أن أضع ملف الإصلاح الاقتصادى على أولويات أجندة العمل الوطنى، وفى مقدمة اهتماماتى، وقد تمكنت الدولة بمؤسساتها وخبرائها من وضع استراتيجية ورؤية متطورة لإصلاح الإقتصاد، وقد كان قرارى نابعا من المسئولية الوطنية، أن نعمل وفق هذه الرؤية، ونواجه المشكلة بشكل متكامل وشامل مهما كلفنا ذلك من تضحيات.
ويكرر الرئيس في كثير من المناسبات: أقول لكم بكل الصدق والأمانة، أننى لا أبحث عن مجد شخصى، أو بطولات زائفة، إنما أبحث عن مستقبل هذا الوطن، وإرضاء ضميرى بقول الحقيقة وفعل الحق، فهذا الوطن يستحق أن نضحى من أجله، ونتجرد من الأهواء ونحن نسعى لإعادة بنائه، ولذا فإننى أتوجه بكل التحية والإعتزاز لهذا الشعب العظيم، والذى أثبت أن عبقريته ووعيه لم يتأثرا بمن يحاولون النيل منه ومن مقدراته، ولعل ما شهدته أول أمس من فعاليات المؤتمر الوطني للشباب بالإسكندرية هو خير دليل على مصارحة الرئيس من النفس أولا ثم مع الشعب ثانيا.
وأتوقف عند تصريحاته التي تتسم بالوضوح والشفافية في ظل الظروف الاقتصادية حيث قال الرئيس السيسي: مصر عشان تصرف كويس عايزة 2 تريليون دولار في السنة، ولهذا قالها صريحة: عايزين نشتغل ليل ونهار.. أنا عمري ما قلت كلام معسول، ومع ذلك فإن الشعب المصري تحمل الظروف الاقتصادية بشكل كبير، وعن خفض سعر الجنيه المصري مقابل الدولار قال: إن "كثيرا من الناس يطالبون بمرونة سعر الصرف ونحن مرنون فيه، لكن عندما يتعرض الموضوع لأمن مصر القومي، وإن الشعب المصري يضيع.. لا، لا، لا، لا"، مؤكدا: "بتكلم بجد، هذ الموضوع أنا أقوله على الهواء عندما يكون تأثير سعر الصرف على حياة المصريين وممكن يضيعهم، لا ما نقعدش في مكانا، لا ما نقدرش".
وتابع الرئيس: "حتى لو الكلام ده يتعارض مع.. حتى لو الكلام ده يتعارض مع.. "في إشارة واضحة لصندوق النقد الدولي، وأضاف: "كنت وصلت إن الدعم يصل صفر على المشتقات البترولية، اللي حصل إني رجعت تاني بسبب ارتفاع سعر الصرف، وأنت بتقرب لسعر الصرف انتبه ليدخلك في أزمة في وخيالك، كثير من الخدمات اللي بنقدمها بتتسعر بالجنيه على قيمة الدولار اللي جبته، في موضوع اللحوم والدواجن والأعلاف، لو أنا منتج في سلعة زي الدواجن على سبيل المثال لو بجيب العلف من داخل مصر مش هبقى متأثر كتير بسعر الدولار، طيب طن العلف هسعره على أيه؟".
وربما هذه هى المرة الأولى التي يرد فيها السيسي بشكل مباشر على الضغوط التي تتعرض لها بلاده من صندوق النقد الدولي من أجل "مرونة أكبر لسعر الصرف" دون أن يذكر اسم "صندوق النقد الدولي" في كلامه، لكن الإشارة كانت واضحة خلال "المؤتمر الوطني للشباب" المنعقد بمحافظة الإسكندرية، ففي ديسمبر الماضي، وافق صندوق النقد على برنامج مدته 46 شهرا لمصر الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، على أن يخضع البرنامج لمراجعتين سنوياً حتى منتصف سبتمبر 2026، بإجمالي 8 مراجعات، المراجعة الأولى؛ التي سيصرف على أساسها الشريحة الثانية من القرض، كان يفترض أن تتم منتصف مارس الماضي، وهو ما لم يحدث حتى الآن، نظرا لتأخر الحكومة بتنفيذ برنامج الطروحات، وعدم اتسام سعر صرف الجنيه بالمرونة اللازمة.
خلال الشهرين الأخيرين صدرت تقارير عدة من بنوك عالمية ووكالات تصنيف تنتقد بطء الحكومة المصرية في تنفيذ برنامج الطروحات، وعدم تحرير سعر صرف الجنيه لمجاراة سعره بالسوق الموازية، كان آخرها بنك "كريدي سويس" الذي بدأ تقريره عن مصر بـ: "ما زلنا نشعر بالقلق وخيبة الأمل" إزاء عدم التقدم في تنفيذ الإصلاحات المرتبطة ببرنامج صندوق النقد الدولي، وتحديدا بيع حصص بالشركات المملوكة للدولة، ومرونة سعر صرف العملة المحلية، متوقعا أن يتراوح الدولار ما بين 45 إلى 50 جنيهاً خلال 3 أشهر.
وقال الرئيس السيسي: "لكل اللي بيسمعني إذا ماكناش هنشتغل علشان نقلل فجوة الدولار.. طيب عملنا أيه السنين اللي فاتت؟ كنا بنفتح مزيدا من الأسواق كنا بنشتري الدولار من الأسواق علشان نحافظ على الدولار اللي موجود في البنك المركزي، كنا بنجيب من الأسواق ونزود حجم الدين علينا.. إحنا خلاص مابقناش نعمل كدة تاني، إذا لازم نواجه ده ونقلل فاتورة استيرادنا بالدولار ونزود صادراتنا، وأنا بقول هناك قائمة بـ 150 منتجا هتوفر نحو 30 مليار دولار إحنا بندفعهم بالفعل دلوقتي".
وتابع: "لو ماقدرناش كحكومة ورجال أعمال، لما تعرف إن فيه حد بيجيب منتجات بسيطة جدا جدا من الخارج.. أنا مابعرفش أضحك على حد وماعرفش ماكونش أمين وصادق.. الدولة دي مش هتطلع لقدام إلا بتحطيم الفجوة بتاعت الدولار"
واعترف الرئيس بأن المواطن لن يستطيع تحمل ثمن الخدمة التي تقدمها الحكومة على أساس التسعير الجديد للدولار، مضيفا أن المواطن لن يتحمل زيادة تعديل سعر الصرف على الكهرباء مثلا، بمعنى "لو أننا نأخذ منه 500 جنيه، فسوف آخذ منه ألف جنيه"، مشيرا إلى أنه بعد أن كان يريد رفع الدعم نهائيا عن المشتقات البترولية، لكن تم العدول عن القرار بسبب زيادة سعر الصرف، مضيفا أن كثيرا من الخدمات التي تقدم والمنتجات التي تستورد تسعر بالجنيه على أساس قيمة الدولار.
ولفت الرئيس بوضوح إلى أن منتج اللحوم أو الدواجن تتحدد أسعارها على أساس سعر الدولار، لأنه يتم استيراد الذرة من الخارج التي هي أساس صناعة الأعلاف، وبناء عليه يحدد سعر الكيلو من اللحوم، وأوضح أن هناك مرونة في سعر الصرف داخل مصر، لكن عندما يتعارض الموضوع مع الأمن القومي لمصر ويكون على حساب حياة المصريين ويضيع الشعب المصري هنا نقول "لا".
وقال الرئيس السيسي، إننا بحاجة إلى 80 لـ 90 مليار دولار لسد الطلب على العملة في مصر، مطالبا الجميع من رجال الأعمال وشباب وكل المصريين بالعمل على تقليل فجوة الدولار، وأضاف أنه خلال الأعوام الماضية كان يجري شراء 3-4 مليارات دولار لتوفيرها إلى البنك المركزي للحفاظ على 34 مليار دولار المثبت في البنك المركزي لتوفير طلبات 3 إلى 4 شهور أو أكثر وهو ما كان يزيد حجم الدين، ولذلك لا بد من المواجهة والعمل على تقليل فاتورة الاستيراد بالدولار وزيادة الصادرات بالدولار وتقليل المستلزمات المستوردة من الخارج عن طريق صناعات كثيرة يتم إدخالها.
وأوضح الرئيس أن هناك قائمة بـ 150 مستلزم إنتاج وهى توفر من 25-30 مليار دولار يتم دفعها الآن، مشيرا إلى أنه عند إدخال هذه المستلزمات في الصناعة بصورة سريعة سيزيد من الناتج المحلي، علاوة على الضرائب وتقليل مستوى البطالة الذي كان 14% ووصل الآن إلى 7.4% بالرغم من الظروف القاسية التي نحن فيها.. وأكد الرئيس السيسي أن الدولة لا تستطيع التقدم إلا بتحطيم فجوة الدولار.
وفي هذا الصدد أشار إلى أن هناك مستلزمات بسيطة للغاية يتم استيرادها من الخارج، وهى فرص عمل للناس لأنها ليست تكنولوجية حرجة، وناشد المصريين قائلا: "الدولة ليست ملكا للحكومة ولا ملكي وإنما ملكنا ولا بد من نجاحها بنا جميعا، وهذا الكلام ليس معنويا أو لطيفا أقوله لكم"، ومن جانبه، أكد وزير المالية الدكتور محمد معيط، تعقيبا على الفجوة الدولارية، أنه خلال تدبير الفجوة الدولارية السنوات الماضية كنا نعتمد على النزول في الأسواق الدولية لتوفير 3-8 مليار دولار في العام، علاوة على التسهيلات الائتمانية الدولية التي تأتينا وكل هذا كان يحاول سد الفجوة، مبينا أن الفجوة خلال السنوات الماضية تزايدت بقوة.
وألخص تصريحات الرئيس السيسي في فعاليات المؤتمر الوطني للشباب والتي تتضمن رسائل قوية تؤكد على المصارحة من جانبه والتخطيط وفق رؤية واضحة نحو المستقبل، على النحو الآتي:
* سعر صرف الجنيه أمام الدولار لو هيأثر على المصريين "بلاش منه"
* الدولة مش هتطلع لقدام إلا بتحطيم الفجوة بتاعت الدولار.
* ربنا اللي أراد أكون هنا.. ومكنتش متصور إن المصريين هيستحملوا.
* يقولك بتهدوا الجوامع.. يا سيدي هنرجع الجوامع والكنائس تاني.. بس هترجع صح.
* الأكل غالي صحيح.. بس إحنا بنبني الدولة.. وبنعالج تاريخ طويل.
* السوشيال ميديا "دردشة" الناس مع بعضها زي ما كانوا بيقعدوا قبل كدا على القهوة.
* قررنا زيادة عدد الخريجين من كلية الطب لعلاج نقص الكوادر الطبية.
* إمكانات الدولة لا تستطيع توفير الأرقام التي تتطلبها وزارة الصحة.
* تكلفنا 80 مليار جنيه بعد أحداث 25 يناير والاحتياطي من 25 يناير وحتى الانتخابات الرئاسية تم القضاء عليه.
* الدولة تستورد طن اللحمة بـ "2000" دولار من الخارج.
* هناك فرق بين أيام كان سعر الدولار عندما كان بـ "6" جنيهات والآن أصبح بـ "30" جنيها.
* الحكومة تدخلت في سعر الصرف لتثبيت سعر الدولار.
* عملنا انتخابات رئاسية بعد 25 يناير جابت الناس اللي شفتوهم.. يعني خراب في خراب.
* أي حد مرحب به إذا كان هيضيف حاجة لمصلحة الدولة وأبقى خاين لو مرحبتش بيه.
* الحوار الوطني ليس نهاية المطاف وكذلك العفو الرئاسي.
* أنا مش بخاف.. ولو كنت خفت كنتم كلكم في خراب ودمار.
* والله العظيم المصريين أثبتوا تحملهم للظروف الاقتصادية.
* الدولة مش بتاعتي ومش بتاعة الحكومة... دي بتاعتنا كلنا.
* مبعرفش مكونش أمين ومبعرفش مكونش صادق.
* محدش يعمر ويبني لأجل الناس ولأجل مستقبلهم.. وينضام.
صدقت تصريحات ورسائل الرئيس التي تتسم بالمصارحة، والشعب المصري على يقين بأن المستقبل القادم سوف تحقق مصر كل مايصبو إليه أبنائها، رغم أنه محفوف بكثير من المخاطر والظروف الصعبة، ولذا نؤكد: نحن معك ياسيادة الرئيس، وسدد الله خطاك في قيادة مصر نحو بر الأمان.