مؤكد أن الدولة المصرية تبذل جهودا كبيرة للارتقاء بقطاع الصحة على كافة المستويات، سواء من خلال إنشاء مستشفيات ووحدات صحية جديدة، أو بالعمل على تطوير ورفع كفاءة المنشآت الصحية القائمة، أو باتخاذ كافة السُبل لإنهاء الأزمات من عجز الأطباء أو توافر أسرة العناية المركزة أو نقص الأدوية والمستلزمات الطبية في ظل الظروف العالمية الراهنة، وبما أن الصحة خط أحمر دائما ما نسمع عن مشكلات يجب علينا أن نقابلها أولا بالوعى وبثقافة تضمن تكاتف الجميع من مرضى وفرق طبية وحكومة ومجتمع مدنى، فلو أخذنا نموذجا هناك حديث متكرر عن أزمة في أسرة العناية المركزة، وفى حقيقة الأمر وطبقا للمعدلات العالمية ليس لدينا نقص فى أسرة الرعاية المركزة لكن لدينا سوء توزيع، ونقص فى الكوادر العاملة فى الرعاية.
وهو ما يتطلب - خاصة أننا أمام حوار وطنى، أن نفكر في حلول ونضع اقتراحات لتخطى هذه الأزمة، وإن كانت الدولة تبذل جهود استثنائية خاصة في اهتمامها بالمبادرات الصحية التي من المؤكد أنها أحدثت طفرة كبيرة في تخفيف الأعباء عن أهالينا، وقللت الضغط على المستشفيات، وساهمت في تحسين مستوى الصحة العامة للمصريين، ولنا في مبادرة فيروس سى ومبادرة إنهاء قوائم الانتظار نموذجا مقدرا، وبالعودة إلى مشكلة أسرة العناية المركزة، نرى أنه يجب علينا النظر فيما يُسمى بالتنويم الإدارى، فمع تأخر عمل الفحوصات للمريض، أو باتباع أسلوب المجاملة بترك المريض أو إدخاله نزولا لرغبة أهل المريض، أو الانصياع لرغبة الأهل فى عدم خروج مريضهم بداعى – وجود في الرعاية أفضل من خروجه - أعتقد أن كل هذه الأمور تتسبب في هدر الوقت ورفع نسب الإشغال دون فائدة في ظل وجود حالات لا تحتاج إلا إلى رعاية تمريضية، ويتركون أيام لأى سبب ما ذُكر.
ومن المهم أيضا أن ننظر إلى عدالة توزيع أسرة العناية المركزة، بحيث تكون الزيادة في عدد أسرة العناية مبنية على الحاجة وأن يصاحبها تقييم لفاعلية استغلال الأسرّة، إضافة إلى التنسيق الجيد واللحظى بين المستشفيات وإدارة الطوارئ فى الوزارة، فهل يُعقل أن تكون معظم البيانات يتم إرسالها للوزارة فى الصباح، أو باتباع سياسة تُسمى "تستيف الشغل دون متابعة لحظية"، خلاف العمل على مواجهة ظاهرة محاولة البعض من مديرى المستشفيات بالتعمد بترك أماكن شاغرة دون الإبلاغ عنها للوزارة، وتترك بحجة الأمان أو الطوارئ لكنها في الحقيقة تؤثر على الشفافية وتفتح باب المجاملات، وبمثابة تضلليل في قاعدة البيانات الرئيسية بالوزارة .
نهاية.. العامل الإدارى الجيد، وتحقيق عدالة التوزيع، حال وضعهما عين الاعتبار سيكونان كفيلان على تغطية نقص الأطباء والإمكانيات تزامنا في سعى الدولة نحو الارتقاء بالقطاع الصحى بمواجهة هذا العجز وتلك النقص.. حفظ الله مصرنا الغالية..