ما يحدث في العالم الآن من تغيرات سياسية والحديث حول ولادة نظام عالمى جديد قائم على تعدد الأقطاب، وهو ما ظهر جليا بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، يكون السؤال المهم، ما موقف العرب من هذه التغيرات وتلك المستجدات؟.. وهل سيبقى الموقف العربى على سياسة اتباع التعليمات والتبيعة والإملاءات؟
بداية .. الناظر إلى ما يحدث الآن من مشاهد عربية واضحة، أهمها مشهد التعامل والتعاطى مع الولايات المتحدة خلال الشهور الماضية رأيناه في مشهد استقبال بايدن، وكذلك قبول وساطة الصين في التقارب بين السعودية وإيران على غير رغبة الولايات المتحدة، إضافة إلى الإصرار على عودة سوريا إلى مقعدها بجامعة الدول العربية على غير رغبة الولايات المتحدة الأمريكية أيضا، يؤكد أن رغبة حقيقة نحو تغليب المصالح الخاصة على اتباع مبدأ التعليمات والإملاءات.
غير أن المتتبع لزيارات المسؤولين الأمريكيين الأخيرة للدول العربية وخاصة مصر والسعودية - تحديداً على مدى الثمانية أشهر الأخيرة - يتأكد تماما أن هناك تغليبا للغة المصالح وليس الإملاءات.
والجميل أن واشنطن يبدوا أنها استوعبت ذلك جيداً، وفهمت الرسالة بأن العرب لهم مصالحهم، وعلى من يريد التعامل معهم عليه أن يتحدث بلغة المصالح، وليس المطالبات، أو التعليمات، وهو ما تم قراءته بوضوح في تغيير السياسة الخارجية الأمريكية بإرسال وفود إلى السعودية وعدد من الدول من أجل محاولة إعادة ترميم الجسور بعيدا عن مبدأ المباركة الأمريكية كما كان متبعا، خاصة لوقف النفوذ الصينى من ناحية ومواجهته ومحاولة كسب ود العرب والحفاظ على النفوذ الأمريكي في منطقتنا، وهو ما ظهر حتى في التصريحات الأمريكية التي اتسمت بكسب الود على خلاف ما كنا نراه ونسمعه خلال السنوات الماضية..
والمقدر أيضا، أن القيادات العربية – حتى الآن – يدركون جيدا أن المشهد العالمى ما زال يُرسم في الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما جعلهم لا يبحثون عن الإثارة أو الشعبوية أو حتى البطولة، إنما يريدون فقط إيصال رسائل وليس إظهار بطولات.. فكل ما نتمناه أن يكون للعرب كلمة وموقف في النظام العالمى الجديد فكفى ما حدث جراء سياسة التبعية التي استمرت عقود وراء عقود..