مؤكد أن علاقة القاهرة والخرطوم ضاربة في عبق التاريخ، ما بين أواصر المحبة ممتدة الجذور بين الشعبين، واستضافة مصر لملايين الأشقاء من السودانين ومعاملتهم معاملة المصريين يأتي الموقف المصرى تجاه الأزمة السودانية ثابتا بضرورة التسوية السلمية، ومطالبا باستدعاء أقصى درجات الحكمة وضبط النفس، وداعيا إلى تغليب لغة الحوار والتوافق الوطني، ومناديا بإعلاء المصالح العليا للشعب السودانى.
لذلك، فإن المتتبع للموقف المصرى تجاه ما يحدث في السودان يجده يتضمن 3 مسارات، الأول هو تفعيل الهدنة وضرورة الوقف الفورى - الدائم والشامل - لإطلاق النار- والمسار الثانى يكمن في أهمية امتناع أي طرف خارجي عن التدخل في الأزمة باعتبارها شأنا سودانيا خالص حتى لا يؤدى إلى تفاقمها، والمسار الثالث يتمثل في الإنسانية سواء بضرورة فتح الممرات الآمنة أو إرسال المساعدات الإنسانية للأشقاء السودانين للتخفيف عليهم في أزمتهم.
والمقدر – حقا - سياسة مصر الخارجية التي تبنت المسارات الثلاث فهى تتسم منذ اندلاع الأزمة بحكمة واقتدار جعلت القاصى والدانى يُشيد بدرو مصر الفاعل والمحورى، وبصدق نواياها في حل الأزمة مهما كانت رغبة القوى العظمى، وهو ما يكشفه أيضا تقدير الأشقاء السودانيين لمصر وللمصريين وهو ما يراه العالم وضوح الشمس -، في امتنان الأشقاء أثناء عبورهم المعابر المصرية، أو عند تصريحات المسؤولين الدائمة والمستمرة المقدرة للجهود المصرية يدل أن مصر هي قلب الأمة العربية، وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
نهاية.. ما نريده ونتمناه أن يُوفق الله أشقاءنا في السودان إلى التوافق الوطنى، وأن يتحلى المجتمع الدولى بالمسئولية الأخلاقية تجاه الأزمة السودانية، فكفى صراعات ونزاعات ما أنتجت إلا دمارا وخرابا راح ضحيته مئات الآف من القتلى، وجاعت بسببه أطفالا ونساءا، وأضاع أوطانا ومقدرات بلاد ورسم مستقبلا مظلما لملايين من الأجيال.. حفظ الله السودان، ودامت على مصر عزتها وكرامتها..