أعلنت مصر ترشيحها للسفيرة مشيرة خطاب لمنصب مدير عام اليونسكو فى احتفال كان شاهدا عليه جزء عزيز من تاريخ مصر، المتحف المصرى بكل ما يحمله من قيمة للبشرية، وكنت من بين الحضور كما كان غيرى من أعلام مصر ومفكريها وفنانيها وكثير من أدوات قوتها الناعمة، كما كانت الدولة حاضرة بقوة بزعامة رئيس الوزراء ووزير الخارجية والثقافة وغيرها.
لا أنكر فرحتى وفخرى بكون مصر اختارت امرأة لتمثلها فى التنافس على المنصب الدولى الرفيع، ولا أنكر أيضاً فخرى بأن تلك السيدة هى نموذج مصرى وعالمى مشرف للمنصب ولمصر لما لها من قيمة على أرض الواقع فى مجال الدبلوماسية والثقافة والطفل والمرأة والتنمية وهى عين متطلبات المرشح لهذا المنصب، إذاً فرحت وأفتخر بمشيرة خطاب مرشحة لبلادى لمنصب مدير عام اليونسكو، ولكن المعركة صعبة، وأعتقد وأتمنى أن نكون جميعاً مدركين أن جوانبها سواء داخلياً أو خارجيا.
أما الداخل، فالدولة قد رشحت امرأة تستحق ويستحقها المنصب، ولكن لا أتمنى أن يرى البعض فى هذا الترشيح فرصة لمكايدة الدولة كنوع من المعارضة فالمعارضة السياسية لا يجب أن تكون على حساب معركة خارجية، وإن كنت أنا كغيرى يرى استحقاق مشيرة خطاب للمنصب، فأنا أعلم أن هناك من سيختلف على الترشح ولكن عليه أن يتذكر أن انتصار مصر أهم من مكايدة الحكومة والدولة التى رشحتها.
وهنا نأتى للأهم بل المهمة الوحيدة وهى المعركة الخارجية، التى لا يجب أن تغيب عنا فيها تجاربنا السابقة، فللعرب تجربتان فى التسابق نحو هذا المنصب فى عام 1999 حين رشحت السعودية غازى القصيبى للمنصب وخسره. وفى عام 2009 فاروق حسنى وخسر المنصب بفارق 3 أصوات. وربما كان إعلان رئيس الوزراء أن السيسى اتفق مع الزعماء الأفارقة على اعتبار مشيرة خطاب مرشحة أفريقيا كان أكثر ما أسعدنى كخبر يبرز تفهم الدولة للثقل الأفريقى فى هذه المعركة، فأفريقيا ككتلة لمن لا يعرف لديها أكبر عدد من الأصوات فى المنظمة فهى تملك 13 صوتا من بين 58 للقارات الأخرى، وهنا أستدعى كلمات غازى القصيبى فى مقال نشره فى جريدة الحياة اللندية بعد خسارة فاروق حسنى بعنوان «معركة اليونسكو: نجح المرشح وسقط العالم الثالث» حيث كتب يقول «الحديث عن دول أوروبية مؤثرة تقف مع مرشح عربى مسلم سواء بدأ اسمه بحرف الغين أو الفاء أو الميم.. هو حديث خرافة، كما أن النجاح بدون الكتلة الأفريقية حديث خرافة أيضا...» صدق غازى القصيبى وأظن وأتمنى أن تكون مصر تعلمت الدرس، أما السفيرة مشيرة خطاب فأنا أعلم أن تعى الدرس جيداً، لأنها منذ فترة تجوب بقاع أفريقيا السمراء تقدم نفسها وحسناً كذلك فعل الرئيس، ولكن لا يجب أن ننسى أن الانتخابات، أى انتخابات عادة لا شرف مطلق فيها.
أما المجموعة العربية التى من حقها التصويت فتتمثل فى سبع دول لم يعلن ترشحه منهم أحد سوى قطر الدولة التى تتمنى أن تجد لها موقعاً فى أى محفل دولى، ولا يجب أن نقلل أو نبالغ فى تقدير أمرها، فصحيح أن قطر بحالها فى مجال حقوق الإنسان لا يمكن أن تحصل على هذا المقام الرفيع ولكنها أيضاً قد تمثل الطفل المشاغب السخيف الذى إن لم يلعب لسنه أو لعدم قدرته فهو يدخل ليُفسد اللعبة ويلخبطها.
مازالت المعركة أمامها عام ونيف ليتم حسمها، ولكنها تحتاج لكل الجهد والذكاء والمراوغة، فقلبى وعقلى مع سيدة مصرية أتمنى أن تكون صوتى وصورتى أمام العالم.