الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، طمأن المصريين ورد على كل الشائعات التي لا تتوقف حول القناة، التي تعد رمز التضحية والنضال والتحرر الوطني في التاريخ المصري، وقطع الشك باليقن، وقالها صريحة واضحة أمام العالم:" قناة السويس لا بديل لها وخارج المنافسة وليست للبيع أو الإيجار".
كلام رئيس الهيئة في المؤتمر الصحفي العالمي الأربعاء الماضي على ضفاف القناة كان رسالة طمأنة للشعب، وخاصة مع الإعلان كل فترة عن وجود مشروع بديل سينافس قناة السويس، وربما آخرها ما ردده البعض بأن مشروع طريق التنمية بين العراق وتركيا، وصولا الى أوروبا، سيؤثر على حركة التجارة العالمية عبر القناة، وما تم الإعلان قبله عن طريق "إيلات -أشدود الإسرائيلي" بين البحر الأحمر والبحر المتوسط، أو مشاريع أخرى بين بعض دول الخليج وإسرائيل أو مسار "الأرز الروسي".
«اللي عاوز يعمل طريق ماله ومال قناة السويس.. ما تعمل هو أنا مسكتك.. صحيح في طرق أخرى لكنها ليست بديلة لقناة السويس".. هكذا قال الفريق أسامة ربيع. لكن في الوقت ذاته هناك "عيون مفتوحة" على هذه الطرق لدراستها ومتابعتها لمعرفة كيف ستنافس قناة السويس سواء كانت سكة حديد أو أنابيب بترول أو حتى حفر قناة ثانية موازية لقناة السويس لمعرفة الخدمات الأفضل التي تقدمها من القناة المصرية.
حقائق الواقع تقول إن قناة السويس الممر الملاحي الأهم في العالم وللعالم، ولو أن هناك طرقا أو ممرات بديلة لما حققت القناة هذا الدخل الأكبر في تاريخها للعام 22-2023 وهو 9.4 مليار دولار، وعبرت 107 سفن بحمولات قياسية بلغت 1.5 مليون طن بضائع، وحدث ذلك عقب افتتاح قناة السويس الجديدة قبل أن يتم افتتاحها في أغسطس عام 2015.
العالم اهتز وارتبك ووقف على أطراف أصابعه مع حادثة جنوح" السفينة إيفر جرين" العام الماضى، وتعرضت حركة التجارة البحرية في العالم إلى هزة كبرى بعد أن توقفت الملاحة في القناة لمدة 6 أيام، لتعويم السفينة، وساعتها خرجت عناوين وتصريحات عالمية بأن مصر لن تستطيع فتح القناة للملاحة إلا بعد شهور، وفاجأت مصر العالم بالمعجزة في أقل من أسبوع وعودة فتح المجرى الملاحي أمام حركة التجارة وأمام 422 سفينة انتظرت إلى حين فتح القناة.
لو كان هناك ممر بديل فلماذا ارتبك العالم واهتمت كافة وسائل الإعلام العالمية بحادثة "إيفر جرين" وبقناة السويس. هذا الاهتمام العالمي كان دليلا على أن قناة مصر هى الممر الحيوي الذي لا غنى عنه ولا يمكن منافسته، مهما حول الآخرون إنشاء طرق أو سكك حديدية أو حتى قناة بديلة.
عمليا عربة السكة الحديد يمكن أن تحمل ما بين حاويتين إلى خمس حاويات، وعلى أقصى تقدير قد يسحب القطار 100 عربة، بإجمالي 500 حاوية، في حين أن هناك سفينة واحدة يمكن أن تحمل في رحلة عبورها 24 ألف حاوية.
علينا أن نثق في قيادتنا وقناتنا والقائمين على إدارتها وتشغيلها وتطويرها الذي لا يتوقف، وقبل ذلك علينا أن نثق فى أنفسنا ولا نصدق الأكاذيب والشائعات.
فكل خبراء الملاحة في العالم يؤكدون أن موقع مصر الاستراتيجي يفرض نفسه على أى مشروعات شبيهة أو مثيلة، وهو موقع له أهميته وتفرده من بين كل المواقع الموجودة في المنطقة. بالتالي موقع قناة السويس لا غنى عنه، حيث أن 12% من حركة التجارة العالمية تمر عبر قناة السويس، خاصة وأن السفن المارة بقناة السويس لا تحتاج إلى أعمال شحن وتفريغ للمنتجات التي تحملها السفن، حيث تمر السفن كما هي بالشحنة التي تحملها، وبالتالي لا يوجد أي تلفيات في الشحنة الموجودة، فضلا عن تسهيل عملية الانتقال من خلال عمل ازدواجية للمرور بقناة السويس كما أن توسيعها قلل ساعات الانتظار التي كانت تصل إلى 11 ساعة ، وهو أمر انعكس إيجابيا على حركة التجارة العالمية.
ومصر حريصة على استمرار تحسين الخدمات المقدمة وعمليات التطوير والتحديث لتحويل قناة السويس إلى منطقة تنمية شاملة، وليس مجرد ممر ملاحي، والسعي إلى دور حيوي في منظومة تجارة الترانزيت واللوجيستيات على مستوى العالم، وهو هدف رئيسي تسعى له القيادة السياسية في مصر منذ تولى المسئولية في 2014، من خلال تطوير كافة المحاور الداخلية والربط الداخلي القوي، مع تطوير الموانئ البحرية والبرية بشكل كبير، وتسهيل الحركة، و الربط بين الموانئ البحرية بخطوط سكك حديدية لتسهيل عملية الانتقال، ووجود النقل متعدد الوسائط وهو الربط بين النقل البحري، والنهري، والسطحي من خلال السكة الحديدية المطورة أو الطرق ذات الجودة العالية.
ما سبق من مشروعات طرق وسكك حديد في مصر مرتبط بمحيط مصر الخارجي في أفريقيا بواسطة طريق "القاهرة كيب تاون"، الذي سيربط مصر بشمال أفريقيا حتى المحيط والمغرب، وطريق ربط مصر بتشاد والوصول إلى غرب أفريقيا.. وهناك مقترحات وأفكار بوصول القطار الكهربائي السريع إلى جنوب أفريقيا، والمغرب، وهو الأمر الذي يعمل على تعظيم الاستفادة من موقع مصر الاستراتيجي الذي يعد نقطة أساسية لحركات التجارة حول العالم على مر التاريخ، إضافة الى ذلك رغبة الصين في إعادة طريق الحرير، ومصر تعد نقطة هامة في مراحل تنفيذ هذا المشروع الضخم.
بالعودة إلى المسارات المنافسة لقناة السويس نجد أن وسائل الإعلام العالمية تحدثت في السنوات الأخيرة عن حوالي 6 مسارات تفكر بعض الدول في المنطقة وخارجها في إنشائها لتكون بديلا عن قناة السويس..!!
هذه المسارات باختصار هي «مسار الأرز الروسي» في سيبيريا بين أوروبا والصين، مسار "محور إيلات - أشدود" في الصحراء الإسرائيلية، عبر ربط البحر المتوسط بخليج العقبة.
وهو مشروع بتمويل دولي قيمته 5 مليارات دولار مقابل غاز من البحر المتوسط، وفي حال الانتهاء من تنفيذه سيكون ميناءً محورياً داخلياً خلف إيلات، ومعه خط سكة حديد يبلغ طوله حوالي 300 كيلومتر، ويبدأ من إيلات على البحر الأحمر جنوباً ويتجه حتى ميناء أسدود على البحر المتوسط، وقد أعلنت إسرائيل عن محادثات لمد خطوط من الإمارات تمر عبر السعودية والأردن حتى إيلات على البحر الأحمر، ثم إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط.
المسار الثالث الممر الإيراني "شمال – جنوب" المسار يبدأ من الهند وصولا إلى ميناء "جابهار" الواقع جنوبي إيران على المحيط الهندي، ثم شحن البضائع برا وصولا إلى ميناء “بندر إنزلي” شمالي إيران على ساحل بحر قزوين. يتبع ذلك، نقل السلع بحرا إلى أستراخان، جنوب غربي روسيا، ومنها إلى شمال روسيا أو إلى دول أوروبا عبر خطوط السكك الحديدية.
والمسار الرابع وهو القطبي “الممر الشمالي الشرقي” المار عبر المحيط المتجمد الشمالي في روسيا، والمسار الخامس "المركز اللوجستي التركي الليبي" وهو ما أعلنت عنه تركيا سابقا بإنشائه في ليبيا، والمسار السادس "مشروع قناة نيكاراجوا" التي عملت الصين على حفرها بين المحيطين الهادي والأطلسي عبر أراضي نيكاراجوا بطول 278 كلم طولاً وبعرض يتراوح بين 230-520 م وعمق 27.6 م، بتكلفة 50 مليار دولار.
كل الطرق في النهاية تؤدي الى قناة السويس لحكم الموقع الجغرافي الاستراتيجي لمصر.. والأفكار والمقترحات هي مرتكزات برية ومائية ومسارات تكاملية لن تلغي ابدا الممر التاريخي ولن تستطيع منافسته.