الدور الحزبي في الجمهورية الجديدة

تعد الأحزاب السياسية الوسيط بين المجتمع والدولة، ومن ثم تسهم بقوة في تأهيل الأفراد على الساحة السياسية؛ حيث إن النجاح الحزبي يتوقف على أدائه لوظائفه المنوطة به بصورة مستمرة وفاعلة بما يؤدي إلى مساهمة واضحة في استدامة التنمية بالدولة، وبما يؤكد الرضا الجماهيري عنه وفق ما يقدمه من خدمات نوعية ترتبط بحياة المواطن، وبما يؤكد على ديمقراطية الفكر، والالتفاف حول المصلحة العليا للبلاد، بعيدًا عن المكاسب الشخصية التي تعمل بآلية الغاية تبرر الوسيلة؛ لتحدث الفرقة والشرذمة التي حتمًا تأجج الخلاف والصراعات حول مكاسب مزيفة ومقيته. وتُشكل الأحزاب السياسية المصرية هيكلًا رئيسًا في المجتمع؛ إذ تُساهم بقوة في التنمية في مجالاتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، مما يعدد من أدوارها الفاعلة على أرض الواقع؛ لتصبح شريكًا فعالًا في نهضة الدولة بكل مؤسساتها الرسمية وغير الرسمية الخدمية ومنها والاقتصادية، ومن ثم يتوجب على الأحزاب مراجعة رؤيتها ورسالتها بما يتواكب مع التحديات والمتطلبات والتطلعات المجتمعية؛ لتتمكن من أداء رسالتها، وتستطيع تدعيم إيجابياتها وتلافي سلبياتها. وكون الحزب وسيلة مشروعة للتنمية السياسية يتوجب عليه تنمية الثقافة الحزبية لدى منتسبيه بتعضيد فهم رؤية الحزب التي تعبر عن آماله وتطلعاته المستقبلية وأحلامه التي يبغي الوصول إليها، وكذلك استيعاب رسالته التي تشير إلى أهدفه الإجرائية التي يسعى لتحقيقها على أرض الواقع، وكلاهما تٌستمد من خطة الدولة الاستراتيجية التي تتبناها. وتتعدد الأدوار الحزبية لتهتم بنشر الثقافة السياسية لدى الشعب، وتحرص على تجديدها في ضوء المستجدات والتغيرات التي تطرأ على الساحتين المحلية والعالمية بما يعمل على تجديد الثقافة وتنمية الوعي السياسي، ويمثل ذلك دورًا تعليميًا وتثقيفيًا للحزب، بما يسمى بالرسالة السامية التي تشارك في تشكيل البنى المعرفية الصحيحة لدى جموع المواطنين، وبذلك يكتسب الحزب قوته السياسية عبر التعبئة الجماهيرية اعتمادًا على القناعة الفكرية التي تؤثر بصورة مباشرة في التغيير وطرح المزيد من الأفكار المبتكرة حول مختلف القضايا المجتمعية، ومن ثم يساعد ذلك في دعم سياسة الدولة المعلنة. وما لا يدع مجالًا للشك فإن العمل الحزبي ذات الصبغة الوطنية يسعى إلى خلق حالة من الرضا الشعبي؛ إذ يستهدف بكل إمكانياته التعبير عن رغبات الشعب، في ضوء آليات ديمقراطية أقرها دستور البلاد؛ وبناء عليه تتنامى قوة الحزب السياسي من حالة التناغم الواضحة مع جمهوره الذي يسانده ويؤازره ومن ثم يعبر عن تطلعاته الآنية والمستقبلية، ومقدرة الحزب على تحقيق ذلك يعد اختبارًا سياسيًا ينبغي اجتيازه. وتؤدي الأحزاب السياسية عبر ممارساتها الواقعية مهمة خطيرة تتمثل في دعم الاستقرار المجتمعي؛ إذ تظهر بصدق الإنجازات التي تقوم بها الدولة ومؤسساتها الوطنية من خلال برامجها المتعددة سواءً على مستوى الإعلام أو من خلال اللقاءات والفعاليات الجماهيرية التي تعقدها، أو أثناء عقد المؤتمرات الشعبية والندوات التوعوية، أو في المناسبات القومية، وغيرها من التجمعات الجماهيرية؛ بالإضافة لتنظيم الزيارات الميدانية من قبل التنظيم الحزبي لمواقع العمل والإنتاج القومية للتعرف على واقع التغيير والإنجازات في شتى المجالات التي تعمل عليها الدولة بمؤسساتها، وهذا يؤدي لإحداث تنمية للوعي الجماهيري بصورة إيجابية تساهم في تأييد ومساندة جماهيرية للقيادة السياسية بغية التعزيز المعنوي الذي يساعد في مواصلة الجهود وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وبناءً على ذلك يُعد دعم الشرعية وظيفة كبرى تقوم بها الأحزاب الوطنية التي تسعى إلى استقرار الدولة؛ حيث تعمل على دعم الولاء والانتماء لكيان الدولة وقيادتها السياسية التي تبذل الجهد المضني لنهضة ورقي الدولة ووقايتها من المخاطر التي تحيط بها؛ بالتالي هناك ضرورة لأن يعمل الحزب السياسي على تهيئة الجمهور لقبول ومساندة النظام؛ لتوطيد أركان الدولة وتحقيق غايتها الكبرى. وتقوم الأحزاب السياسية من خلال برامجها وخططها التنفيذية بتعديل فكرة الفئوية لدى الفرد أو الجماعة إلى تبني المصلحة العامة، ومن ثم الإحاطة بما يدور في البلاد من مشكلات وما تواجه من تحديات تحتاج إلى تضافر شعبي ووعي مجتمعي يعمل على تقوية وتعزيز القيادة السياسية والمؤسسات الحكومية لتستكمل مسيرة الإصلاح والبناء في الدولة، بل وتقدم يد العون لدفع عجلة الإنتاج، وهنا تتحول الآمال الفردية لآمال تتسم بالعمومية، وهذا ما يعمق مفهوم المصلحة العامة في النفوس. وجدير بالذكر أن للحزب دورًا رقابيًا يقوم به تجاه الحكومة؛ بغية تقديم الدعم والمشورة، كما له أن القيام بالنقد البناء الذي يؤدي إلى التحسين والتطوير، وتقديم البدائل التي تساعد في التغلب على الصعوبات أو الحل المشكلات المجتمعية والمؤسسية، وهذا الدور يشكل ورقة ضغط فاعلة في ضبط الأداء الحكومي المسؤول، ومن ثم أداة للتقييم ينتج عنها محاسبة ذاتية تسهم في التطوير المؤسسي أو التغيير الاستراتيجي للخطة التي تتبناها الحكومة. وهناك ضرورة للتجديد من خلال ضم أفراد جدد للمسار الحزبي؛ لتقوم بأدوار فاعلة وفق تخصصاتها النوعية، وتحدث نقلة إيجابية في الأنشطة التي يؤديها الحزب، ويتطلب ذلك جذب الأفراد الذين يمتلكون مهارات القيادة والريادة باعتبار ذلك معيار حاكم للاختيار، كما ينتج عن ذلك تغير في آليات التفكير وأنماطه بما ينعكس بصورة إيجابية على نتاج الأدوار السياسية المنشودة من الحزب والتي تتغير بتغير مجريات الأحداث على الساحة المجتمعية والعالمية. ومنوط بالحزب السياسي أن يكون ظهيرًا لكل محتاج، أو ضعيف، أو مظلوم، أو مهمش؛ ليعمل على تلبية احتياجاته ومطالبه المشروعة، كما يقدم كل سُبل الدعم عبر برامجه، ليساعد في تحقيق العدالة الاجتماعية بشكل فاعل، وحيال هذا الأمر يمثل الحزب دفاعًا مشروعًا للفئات الاجتماعية التي لم تحصل على حقوقها مكتملة، وفي المقابل تتقبل الدولة متمثلة في حكومتها هذا الدفاع، وتعمل على تحقيقه قدر المستطاع. ومن المبادئ التي يتمسك بها الحزب السياسي الحفاظ على النسيج الوطني بالعمل على تعضيد الوحدة الوطنية؛ إذ يقوم بحل الخلافات والصراعات التي قد تحدث بين أطياف المجتمع، كما يتم التكامل السياسي لاستيعاب الاتجاهات والرؤى المتباينة تحت مظلة المصلحة العليا للدولة، وهذا ما يؤدي إلى اتساع الأفق، ومن ثم يحدث استقرارًا سياسيًا نتيجة لتشكيل هيكل سياسي قوي بالدولة. ومن المفترض أن تعمل الأحزاب السياسية على تشجيع فئة الشباب للانضمام لها، ومن خلال حملاتها باتت الضرورة للقضاء على الخوف أو الخشية من الالتحاق بالعمل السياسي، قد يرجع ذلك لضعف التنشئة السياسية الصحيحة بالمؤسسات التعليمية والاجتماعية، أو من خشية الأسر على أبنائها جراء الانضمام للعمل الحزبي، أو للمعتقد بأن العمل الحزبي مضيعة للجهد والوقت، ومن ثم فثمرة السياسة تجنيها الفئة الحاكمة بالدولة. وفي ضوء ما ورد من أدوار خاصة بالعمل الحزبي السياسي ينبغي مراجعة البرنامج الحزبي بهدف العمل على إعادة صياغة الأهداف وفق متطلبات المرحلة وفي خضم مسارات النهضة القائمة وتناغمًا مع الاستراتيجية التنموية للدولة، كما يجب أن تعقد البرامج التدريبية التي تساعد في صقل خبرات منتسبي الأحزاب السياسية لتمتلك مهارة الأداء، ولا ينفك ذلك عن التخطيط المستقبلي لتوسيع القاعدة الجماهيرية للحزب السياسي لضمان تأييده في تحقيق غاياته الوطنية. إن توجيهات القيادة السياسية الحكيمة نحو المشاركة الشبابية في الدولة وعلى رأسها المشاركة السياسية كانت واضحة؛ حيث نتج عن ذلك تمثلات لفئة الشباب في البرلمانات النيابية والمؤسسات الكبرى للدولة؛ بالإضافة لاهتمام القيادة السياسية الرشيدة بعقد المؤتمرات الدورية مع الشباب لمطالعة الأفكار المستنيرة التي تسهم في نهضة الدولة وازدهارها في شتى المجالات. حفظ الله شعبنا الكريم وقيادته السياسية الرشيدة والمخلصين من أبنائه الأكارم.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;