حباية الغلة والموت المحقق.. أنقذوا الأبناء

انتشرت فى الآونة الأخيرة ظاهرة خطيرة أدت إلى وفاة الكثير من الأبناء وخاصة فى القرى والأرياف وهى ظاهرة تناول حباية الغلة.. هذه الظاهرة تكاد تودى بحياة الكثير والكثير حال عدم اتخاذ موقف واضح وصريح من الحكومة فى وقف تداول تلك الحباية وخاصة فى الأرياف، نظرا لأنه يتم تداولها فى السوبر ماركت وليس الجمعيات الزراعية والعيادات البيطرية فقط. لعلك عزيزى القارئ تعلم جيدا أن تلك الحباية كان يتم تداولها لأغراض زراعية فقط فهى كانت تستخدم فى الماضى لحفظ القمح من الفساد والتسوس، حيث كان يستخدمها المزارعون والفلاحون فى وضعها داخل الصومعة التى كانت تحفظ الغلال على مدار عام كامل، فهى عبارة عن سموم حقيقية تفرزها تلك الحباية عند وضعها للحفاظ على القمح من البكتريا والفساد، ولكن نظرا لسوء استخدامها وتداولها بين الأطفال بسهولة أصبحت أسرع وسيلة للموت المحقق والانتحار، نظرا لأنه لا يوجد لها مضاد حيوى لها لكى يوقفها، فهى بمجرد نزولها فى الجسم أو المعدة تتنج سموما تسمى بغاز الفوسفين شديد السُمية وهو غاز لا يوجد علاج أو ترياق مضاد له، 500 مجم من هذا المركب كفيلة بقتل إنسان، ولك أن تعلم أن القرص المتداول 1 جرام أى ضعف الجرعة القاتلة. ويتم استيراد حبة الغلة القاتلة من الهند والصين، واسمها العلمى «فوسفيد الألومونيوم»، وتباع فى محال المبيدات الزراعية والصيدليات البيطرية، تحت أكثر من عشرة مسميات تجارية بأسماء مختلفة، وتعتبر من مبيدات التدخين أى التى يخرج منها دخان أو غاز، يتخلل أجواء المكان المغلق كصوامع القمح والغلال، فيقضى على الحشرات، التى قد تتواجد فى الشقوق، وهى مجرد غازات تتبخر بعد فترة دون أن تترك أثرا، لكن الخطورة تكمن فى التعامل معها دون وعى أو اتخاذ احتياطات. ويرجع خطورة حباية الغلة إلى أنها تتفاعل فور دخولها المعدة مع المياه وعصارة المعدة الحمضية وتنتج بالجسم غاز الفوسفين شديد السمية، والذى يسبب حدوث حالة تسمم حاد ولا توجد أعراض سريرية واضحة لهذا الغاز، إذ تختلف تبعا للجرعة ومدة التعرض لغاز الفوسفين والذى يتسبب فى وقف أجهزة الجسم تباعاً مثل القلب والكلى والكبد، ولذلك يُسمى الأطباء حبوب الغلة وغاز الفوسفين بالقاتل الصامت، ومن الأخطاء الشائعة فى التعامل مع التسمم بحبة الغلة هو إعطاء المريض المياه، لأنه يساعد على سرعة التفاعل وإطلاق الغاز السام . ولقد أصبحت حباية الغلال مثار رعب فى كثير من البيوت خاصة الريفية منها، وعنوانا متكررا فى صفحات الحوادث، ما بين حالات الوفيات ما بين تسمم عن طريق تناول الحبة بالخطأ وخاصة عند الأطفال الصغار وأحيانا الكبار أو بقصد الانتحار، وسمية هذه الحبة لا تدع مجالا للخطأ أو التهديد، ولا تتيح أى فرصة للتراجع أو الإنقاذ، إذ تتسبب فى حدوث الوفاة خلال ساعة على الأكثر من التناول. ويجب على الحكومة حظر تداولها على الفور لأنها كما ذكرت تسمى بالقاتل الصامت، وخاصة أن هناك عشرات الدول العربية حظرت استخدام حبة الغلال بعد تسببها فى زيادة نسبة الوفيات وخاصة الأطفال. والمسئولية هنا لا تقع على الحكومة فحسب، بل تقع أيضا على الآباء والأمهات، فيجب عدم ترك الأطفال لوحدهم فترات طويلة دون السؤال عنهم ومعرفة ما يعملونه أو ما يشغلهم، من أجل البحث عن المال، أعلم جيدا أن الظروف الاقتصادية فى الفترة الأخيرة أصبحت صعبة للغاية، ولكن لا يوجد أهم من الأبناء فى دائرة الاهتمام، فالتربية الصحيحة، هى إحدى الآليات القوية للتعامل مع كافة الإشكاليات التى يواجهها الأبناء، كما أن الاستخدام السيئ للسوشيال ميديا واليوتيوب والنت عموما هى التى تدفع الأطفال والشباب للانتحار. وقف تداول حباية الغلة لن يكون هو السبب الوحيد فى وقف عمليات الانتحار المنتشرة خاصة بين الأطفال والشباب صغار السن، ولكن التربية الصحيحة تأتى فى المقام الأول، والاهتمام بالأطفال ومعرفة احتياجاتهم ومشاكلهم والقرب منهم أكبر وسيلة للحفاظ على أرواح هؤلاء، الأطفال، كما على السيدات والأمهات دور أكبر، فهى المنوط بها حماية أطفالها فى ظل انشغال الأب بتوفير سبل المعيشة، والمسئولية تقع على الأب والأم ولن أحمل أحدهم دون الآخر، وفى النهاية أوجهة نصيحة للجميع، الحكومة أولا فى الحفاظ على أرواح الشعب المصرى والأطفال والشباب، ولأولوياء الأمور فى الاهتمام بأبنائهم أولا والتربية الصحيحة، فالحكومة وحدها لا تسطتيع، ولكن يجب على الجميع أن يقوم كل بدوره.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;