منذ صدور الجزء الأول له أثبت ريفو أننا أمام عمل درامي موسيقي مختلف، راهن عليه الكثير وكنت منهم، ولم يخيب ظني في الجزء الثاني، لقد تابعت بشغف شديد الحلقات الأربع - إلى لحظة كتابة هذه السطور - التي بثتها منصة WATCH IT من إنتاجها الأصلي، ولم أستطع أن أغادر مقعدي فالدراما رغم إنها ليست سريعة لكنها تنضج ببطء وتسوى على نار هادئة، وهذا اختيار واضح من المؤلف محمد ناير والمخرج يحيى إسماعيل، وأخص بالذكر المخرج الذي فهم نفسية العمل وقدمه بالطريقة الصحيحة محافظاع على الإيقاع المتمهل بحرفية شديدة بمساعدة مونتاج كمال الملاخ وموسيقى تصويرية مميزة لساري هاني
الموسم الثاني من ريفو هو رحلة مريم لاكتشاف الحقيقة، تلك الرحلة المؤلمة والمعذبة، لكن ألم اختفاء الحقيقة أصعب، فالبرغم من اكتشافات مريم المؤلمة لكن لا شيء أشد ألما من غياب الوضوح والحقيقة.
ما يميز ريفو هو أنه لا يجعلك تشاهد مسلسل تدور معظم أحداثه في نهاية التسعينات، ولكنه يجعلك تخوض الحياة وكأنك بالفعل تعيش فيها في هذا الزمن، فأنت ترى العجمي التي تعرفها سنة 1998 ، وتسمع أغنية سيمون وحميد الشاعري بتكلم جد، وتشوف كابينة ميناتل في الشارع، لحظات اكتشاف الانترنت، وطريقة أداء الممثلين ومفرادتهم وملابسهم، درجة من الاتقان تجعل هذا المسلسل مرثية للتسعينات، ولأيامنا التي مرت كلمح بالبصر.
طريقة السرد في ريفو الجزء الثاني ذكية فقد قامت على مزج بين الماضي من خلال فويسات يرسلها أباظة لمريم ومن خلالها نشوف الحكاية من الماضي من وجهة نظر ريفو أنفسهم، ثم نرى رحلة بحث مريم الدؤوب عن ريفو وما يخصهم في الزمن الحاضر ومحاولتها اكمال المسلسل الذي بدأه أبيها الراحل الكاتب حسن فخر الدين، كما أننا نرى بقية أعضاء ريفو كيف صاروا الآن بعد وفاة شادي وبعد أن كبروا ولم يعد الباند موجودا
لافت انتباهي أداء الممثلين وخاصة أمير عيد وركين سعد تميز كبير في تقديم الشخصيات بشكل طبيعي تنسى معها شخصياتهم الحقيقية وتذوب مع التشخيص، وكذلك بقية أعضاء ريفو
مساحة التجريب في المسلسل التي تخوضها بكل حرفية منصة WATCH IT تروق لي فالأداء غير منمط والمسلسل غير تقليدي وتشعر وكأنك تشاهد عمل يخاطب ذائقة خاصة ومع ذلك سهل أن يصل للجميع، لأنه يمس في كل واحد فينا جزء حتى ولو صغير من حياته السابقة، من منا لم يحب الموسيقى من منا لم ينحاز لمطرب أو باند، من منا ليست حياته إذا أراد تميزها ميزها بأغاني في كل مرحلة، شريط الكاسيت لم يكن مجرد موسيقى تسمعها، بل هو شريط حياتك يعاد من جديد وكأنك تراها
في النهاية، هناك أعمال كثيرة تحدثت عن النوسالجيا لفترة التسعينات، لكن كثير منها قدم ذلك بابتذال رخيص ما هو إلا مجرد رؤية خفيفة من على السطح، لكن ما يميز ريفو هو أنه قدم بعمق كبير عمل فني يستحق أن يكون مرثية للعمر الجميل.