أصبح استخدام السوشيال ميديا بمختلف قنواته في الفترة الأخيرة أحد الأسباب الرئيسية وراء ظاهرة الانتحار بين الأطفال والشباب في الفترة الأخيرة، فالكل يبحث عن الرفاهية وجمع الأموال، من أجل أن يعيش كما يعيش البعض على الواقع الافتراضى، فإذا تجولت داخل انستجرام لدقائق معدودة تشعر أن مصر كلها تعيش فى الساحل، فما بين حفلات وسهر وشواطئ وسيارات بملايين الجنيهات، لآخرين يرتدون ملابس بآلاف الجنيهات، والكل يستعرض على صفحاتهم الشخصية كل لحظة مبديا ابتسامة وكأنه يعيش في الجنة، فالجميع يحاولون استعراض حالات البهجة والفرح، ولا تجد منهم من يقول إنه غير سعيد أو يستعرض الأحداث السيئة التي يمر بها في حياته.
هذا الواقع الافتراضي غير الواقعى، لا يفهمه الأطفال والمراهقون وخاصة في القرى والأرياف، الكل يحلم بأن يعيش مثل هؤلاء، بغض النظر عن ظروف أهله، هل يستطيعون أن يوفروا ذلك أم لا، فمع الظروف الاقتصادية الأخيرة وعدم قدرة بعض الآباء على تلبية احتياجات ورغبات أبنائهم والتي في الغالب تكون مبالغ فيها، وغير ملائمه للبيئة التي يعيشون بها، نجد أن هؤلاء الأطفال أو الشباب صغار السن ناقمين على أهاليهم ورافضين مستوى المعيشة والظروف التي يعيشون بها ويتمنون أن يكونوا بدل هؤلاء النجوم على السوشيال ميديا غير مدركين أن الله قسم الرزق بعدل، فالكل أخذ نصيبه كامل مكمل من غير نقصان، فالصحة أفضل من الأموال التي لا تكون بديله عنها، وكذلك أن يرزق الإنسان بأولاد في ظل فقره أفضل من أن يكون عقيم ومعه أموال، فالجميع أخذ نصيبه كما يقول المثل" كل واحد واخد نصيبه من الدنيا 24 قيراط".
لعلك تتفق معى عزيزى القارئ أن ما يحدث على صفحات السوشيال ميديا سواء فيس بوك او انستجرام أو التيك توك وغيرها من الوسائل مبالغ فيه بشكل كبير من قبل البعض، فمنهم من يستغل هذه المنصات لجنى الأرباح دون مراعاة أى عادات أو تقاليد، ومنهم من يستغلها لتحقيق هدف يسعى له سواء تحقيق الشو والشهرة أو غيرها من الأهداف، ولكن نرجع لنقطة تعد هى الأهم والأساس، هى التربية السليمة والصحيحة، للأبناء، وتأتى فى المقام الأول، وكذلك تركيز الأباء مع أبنائهم بشكل مستمر والتقرب منهم ومعرفة احتياجاتهم تأتى في المرتبة الثانية، فانشغال الآباء في جمع الأموال لتلبية احتياجات المعيشة وخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الأخيرة، جعل الأب طوال اليوم بعيد عن البيت، فالبعض يعمل في أكثر من وظيفة في محاولة لتوفير العيشة المناسبة لأسرته حتى وإن كانت لا ترتقى للحياة التي يرغبها ولكن يجتهد ويسعى حتى لا يلجأ لسؤال الناس لسد احتياجاته، هنا ياتى الدور الأكبر والأعظم للأم، فالأم عادة تقع عليها المسئولية الأكبر في عامل التربية فهى بمثابة العمود القائم عليه البيت، فهى تكون بمثابة إنذار ومنبه للأب في حال اكتشافها لسلوك غير سوى من أبنائها، كما هي عامل الأمان للأبناء، فإذا ابتعدت الأم عن ممارسة دورها وانشغلت هي أيضا بالسوشيال ميديا والموضة وما يحدث على تلك المنصات، نجد هنا أن أمام الأطفال والشباب والمراهقين فرصة للهروب من الواقع ومحاولة تقليد ما يشاهدونه على تلك الوسائل في ظل غياب الرقابة من الأب والأم.
والخلاصة أن حياة الأبناء أغلى وأهم من أى أشياء أخرى، أغلى وأهم من جمع الأموال، أغلى وأهم من تقليد البعض سواء في الموضة بالنسبة للأم "حياة ابنك أغلى وأهم من أن فلانه بنت فلان جابت عربية جديده، فلانه بنت فلان اشترت شقة أو فيلا في مكان بعينه، ارضى بما قسمه الله لك، والقناعة كنز لا يفنى واجعل اهتمامك الأول هم أبنائك، فالحفاظ على أرواحهم وحياتهم لا تقل أهمية عن حياتك" وبالنسبة للأب" أعلم جيدا أن ظروف الحياة أصبحت صعبة وهو ما يجعلك تعمل طوال اليوم في أكثر من مكان او وظيفة لتلبية احتياجات أسرتك، ولكن لابد أن تخصص بعض الوقت للجلوس مع أبنائك وأن تكون قريب منهم حتى تتكن من معرفة ما يشغلهم وهمومهم واحتياجاتهم، فاجعلهم أصدقائك وعندما تقوم بحل مشكله لهم انزل لمستوى عقولهم حتى تتمكن من حل المشكله دون أن تراها تافهه ...ابعدوا عن الواقع الافتراضى وحافظوا على أرواح وحياة أبنائكم.