قد يعتقد البعض أننى أبالغ بالتركيز والتكرار والتسليط لضوء لا ينطفئ على هذا الموضوع الشائك الذى تحول فى غضون سنوات لا تتجاوز العقد إلى كارثة لا تصد، ووباء لا لقاح له ولا دواء، ومناخ خصب لخوض الخائضين بأى ملف أو موضوع أو قضية قد تؤثر على الرأى العام دون مسؤولية أو خطة موضوعة أو حتى معيار للمصداقية.
فالموجة عالية، والهوجة مغرية لذوى الأنفس الهشة، وبات التظاهر والتفاخر بين الناس هو الهدف المنشود حتى وإن كان وهماً على وهم، بداخل عالم كبير من الوهم مسمى بمواقع التواصل الاجتماعى، قد اختلط به الحابل بالنابل، والخبيث بالطيب، والكذب بالصدق!
فتحولت معايير الكفاءة ومقومات النجاح لدى الغالبية العظمى من المصريين، وعلى رأسهم بالطبع طبقة المشاهير أو أنصاف المشاهير بأى مجال إلى مجرد نسب مشاهدة عالية، وتريندات على مواقع التواصل المختلفة!
لذا، وفى إطار البحث الدائم عن كل ما يثلج الصدر ويبعث الأمل من نماذج مشرقة مشرفة للتريند المصرى، أتحدث بمقال اليوم عن "عزة السروجي" الملقبة بـ"آن علي".
ففى مفاجأة غير مسبوقة، أعلن أنتونى ألبانيزى، رئيس الوزراء الأسترالى، تعيين أول وزيرة مسلمة فى تاريخ أستراليا، فى حكومته العمالية بعد فوز حزبه بالأكثرية فى الانتخابات.
وقد جاء تعيين عزة محمود السروجى الملقبة بـ"آن علي"، ذات الأصول المصرية والمولودة بمدينة الإسكندرية، بمنصب وزيرة الشباب وتعليم الطفولة المبكرة فى الحكومة الاسترالية، كمشهد تاريخى وسابقة فى البلاد.
إذ أدّت عزة اليمين الدستورية، وبيدها نسخة من مصحف غلافه زهرى اللون، وبعدها نهض رئيس الوزراء أنتونى ألبانيز، عن كرسيّه ليصافحها ويهنئها فى مشهد وصف على نطاق واسع بأنه "تاريخى ومميز".
وعلى الرغم من أن السروجى وافدة جديدة إلى حزب العمال الأسترالى إلا أنها أثبتت فى غضون سنوات قليلة جدارتها وحنكتها السياسية.
ويظهر من سيرتها على موقع "ويكيبيديا"، أنها سياسية أسترالية من حزب العمال، دخلت مجلس النواب عام 2016 عن مقعد كوان فى غرب أستراليا، وأصبحت لدى انتخابها أول امرأة مسلمة تدخل مجلس النواب الأسترالي.
عملت آن على كأستاذة ومحاضرة وأكاديمية متخصصة فى مكافحة الإرهاب، وأسست منظمة "الناس ضد التطرف العنيف" (PaVE) بهدف مواجهة التطرف فى أستراليا. وتقول إن المرأة الاسترالية الناشطة فى العمل السياسى لا يزال أمامها طريق طويل لتحقيق كامل تطلعاتها.
كل الفخر بمبدعى مصر فى الداخل والخارج، الذين شرفوا بلادهم ورفعوا اسمها عالياً عن جدارة واستحقاق، ولا عزاء لبالونات الهواء التى لا تحمل بداخلها سواه والتى تتربع بطرق ملتوية على عرش التريند لتحجب عنا هذا النور الإلهى الذى اختص به بعض عباده ليجعل لهم منه هالة تحيطهم أينما وجدوا، لكننا سنقتفى أثر النور ونزيح عنه تلك البالونات الفارغة من أية قيمة، ليكون بمقدمة الصف ويكون لأجيال المستقبل قدوة يقتدى بها.
إلى لقاء غير منقطع للتريند المصري..