في بادرة أمل نحو حل وحلحلة الأزمة السودانية واتخاذ خطوات من شأنها الوصول إلى تسوية سلمية تنقذ الأشقاء السودانيين من دمار الحرب الدائرة، أعلنت مصر عن عقد مؤتمر قمة دول جوار السودان، وذلك في إطار سعى مصر دائما إلى مساندة الجميع في أوجاعهم والعمل دوما على نزع فتيل الأزمات ما استطاعت، فالسلام رسالة مصر إلى العالم منذ القدم، لذا كلنا أمل أن تكون القمة المرتقبة لدول جوار السودان المقرر انطلاقها 13 يوليو الجارى مسار أصيل لبداية الحل للأزمة السودانية، وحقن دماء الشعب السوداني، وتجنيبه الآثار السلبية التي يتعرض لها، والحفاظ على الدولة السودانية ومُقدراتها، والحد من استمرار الآثار الجسيمة للأزمة على دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل.
وكلنا أمل في نجاح قمة مؤتمر دول جوار السودان في وضع آليات فاعلة لتسوية الأزمة في بصورة سلمية، بالتنسيق مع المسارات الإقليمية والدولية، خاصة أن هذه المرحلة - فى ظل تفاقم الأوضاع - تحتاج إلى التكامل وليس التنافس، فاعتقادنا أن التوقيت مهم ومناسب للغاية وله دلالات واضحة ومؤشرات قوية يؤكد فعلا وليس قولا حرص مصر على دعمها للدولة الشقيقة.
فالمأساة كبيرة والأوضاع جلّ خطيرة، فلك أن تتخيل أن الصراع الدائر الآن أدى إلى مقتل أكثر من 2800 شخص، ونزوح أكثر من 2.8 مليون شخص، لجأ من بينهم أكثر من 600 ألف إلى دول مجاورة، وفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة، خصوصاً إلى مصر شمالاً، وتشاد غرباً، لذا دعواتنا للأشقاء السودانيين أن ينعم الله عليهم بالتقارب والتوافق لأن الأوضاع فعلا كارثية على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصة أن العالم كله يعانى الآن من اضطرابات سياسية واقتصادية صعبة جراء تداعيات الحرب الدائرة في أوكرانيا والصراع المحتدم بين القوى العظمى على الهيمنة والسيطرة والنفوذ.
فرأينا أن هذه القمة طوق نجاة ومسار حل خاصة أن نواياها صادقة، لأن من يتدخل هم دول الجوار وهم الأحرص على استقرار الأوضاع وإنهاء الأزمة لمصلحة الجميع، ولأن للأسف ما زال المجتمع الدولى يُعانى من ازدواجية المعايير والعمل لمصلحة القوى العظمى ومصالحها، فالتجربة تؤكد أنه يتبع دائما سياسة إطالة أمد الصراع في مناطق النزاع والأزمات والصراع الفلسطيني الإسرائيلي خير دليل، وما يحدث في سوريا وليبيا واليمن ليس ببعيد، فأملنا انتباه الأطراف السودانية لهذا حتى لا يقعوا في فخ هذه السياسة التي للأسف أدت إلى دمار وخراب وفقر الشعوب التي بها صراع وتقسيم البلاد وتشريد الأطفال وضياع الأوطان.. حمى الله السودان