بعد الكثير من اللقاءات والاجتماعات المتكررة مع وزارات مختلفة، وملفات صارت مكدسة فى الأدراج، خرج رئيس الوزراء شريف إسماعيل، بتصريح عن أهمية الفن، مؤكدًا أن الحكومة ستدعم السينما بـ50 مليون جنيه.
لا أعلم هل تختلف هذه الوعود فى جديتها عن ما سبق وأعلنت عنه الدكتورة فايزة أبوالنجا مستشار الرئيس للأمن القومى، والتى أكدت فى كل كلامها على أهمية الفن والسينما للأمن القومى، مثل المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق، أو عن تصريحات وزير الشباب والرياضة خالد عبد العزيز حول الـ45 مليون جنيه؟.. كله كلام ووعود.
لن أتعامل بمنطق أن وعود الحكومة مثل «الزبدة يطلع عليها النهار تسيح»، ولكن دعونا نكون أكثر تفاؤلًا ونتخيل أن الحكومة بالفعل قد حولت مبلغ الدعم وأثبتت جديتها للمرة الأولى منذ سنوات، وأن هناك خطة لإنتاج عدد من الأفلام «الهادفة»، وهو أيضا كلام ليس بجديد، حيث أثبتت التجارب السابقة الكثير من السلبيات والصراعات، ولا أعرف هل من جلسوا مع رئيس الوزراء يعملون فعلًا لصالح الصناعة، أم يعشقون الوقوف أمام الكاميرات والإدلاء بتصريحات، وإصدار بيانات يمجدون فيها جهودهم المضنية لصالح الصناعة، خصوصا أنها الوجوه نفسها التى تقول الكلام نفسه مهما تغيرت أنظمة أو حكومات؟
السؤال الأهم الآن: هل يمثل هؤلاء كل التيارات السينمائية، أم يمثلون أنفسهم ومصالحهم فقط؟ لأنه ببساطة غاب عن هذه اللجنة شباب السينمائيين الذين ينتظرون أعوامًا لتحقيق حلمهم البعيد بإنتاج فيلم روائى طويل، وقد يمضون أعواما يجوبون المهرجانات العربية والدولية يبحثون عند صناديق الدعم الأوربية من أجل فرصة لتحقيق هذا الحلم، وما أصعب ذلك أيضًا فى ظل تردى الأوضاع السياسية فى مصر، وهو ما أثر على وضعها فى العالم، وانعكس على فرص السينمائيين الشباب فى الحصول على الدعم.
ما يؤكد كلامى أنه وقبل تحويل الدعم ظهر من يؤكد ويدعو إلى ضرورة تشكيل صندوق جديد يدير هذا المشروع، يتولى مسؤوليته رجل «همام» من المقربين وأصحاب السطوة فى وزارة الثقافة، بعيدًا عن المركز القومى للسينما الذى كان يتولى تلك المهمة فى السابق، مع وضع آلية مختلفة للدعم، وبالطبع لا أحد يعرف ما هى الآلية وكيف ستنفذ وما الفرق بينها وبين ما كان تحديدًا.
كل التجارب السابقة أثبتت بالدليل القاطع أن الموضوع فى النهاية لا يعدو كونه صراعًا على الاستحواذ على أى موقع يسمح لصاحبه بتوزيع العطايا حسب «المزاج» و«الشللية» التى هى مرض الحياة الثقافية فى مصر، فما أفشل من «المركز» إلا «الصندوق»، وما أجهل الطرق التى تدار بها الثقافة المصرية..
ولا أعرف هل عدمت مصر وجود شباب سينمائيين يأخذون هم بزمام المبادرة؟ هل كتب علينا أن نتعامل مع نفس الوجوه بنفس العقلية وطريقة إدارة الأمور التى تشعرهم بوجودهم، وكيف أنهم أصحاب المن والمنح والعطاء.. «سيبك من السينما الأهم الصندوق ومفتاحه مع مين؟».