الإعلان عن خطة تطوير حديقة الحيوان بالجيزة أو كما يسميها المصريون – جنينة الحيوان- وحديقة الأورمان التاريخية هو خطوة جديدة مهمة لإعادة استغلال ثروات وموارد الدولة المهملة وتعظيم قيمتها التاريخية والمادية علاوة على استعادة الوجه الحضارى للحديقتين وتعظيم الاستفادة من مقوماتها، مع الحفاظ على طابعها الأثرى والنباتات والأشجار النادرة واستعادة طابعها التراثى، مع إعادة إحيائها كمنطقة مفتوحة ومساحات خضراء على غرار الحدائق العالمية المفتوحة بلا حواجز، مع تطبيق أعلى معايير الأمان العالمية.
مشروع التطوير وضعه أكبر استشارى عالمى فى تطوير حدائق الحيوان والذى قام بتطوير 12 حديقة على مستوى العالم منها حديقة الحيوان فى لندن، وسوف يتم جلب أنواع جديدة ونادرة من الحيوانات لم تك موجودة من قبل وزيادة عدد الحيوانات بالحديقة من حيث النوع والعدد.
ووفقا للمستشار الإعلامى للوزارة الصديق أحمد إبراهيم فان تطوير وإدارة الحديقتين، الحيوان والاورمان، سوف يكون بنظام حق الانتفاع لمدة 25 سنة مقابل ايجار سنوى يتم زيادته بنسبة محددة كل عام، دون الإعلان عن قيمة الايجار السنوى والمبالغ المالية التى سوف تحصل عليها الدولة.
التطوير المنتظر يهدف إلى الحفاظ على الطابع التراثى للحديقتين والنباتات والأشجار النادرة وكل ما هو أثرى، والحديقة سوف تكون مفتوحة بلا حواجز، مع تطبيق أعلى معايير الأمان العالمية، كما أن الحيوانات سوف تظل فى الحديقة خلال فترة التطوير تلقى كل الرعاية البيطرية والتغذية تحت إشراف هيئة الخدمات البيطرية.
الخبر المهم فى مسألة التطوير هو الإعلان عن الربط بين حديقتى الحيوان والاورمان من خلال نفق يسهل الانتقال للزوار من الحديقتين للتنقل من خلال برنامج زيارة محدد وهو ما ندعو اليه كما يحدث فى حدائق العالم. فليس هناك ما يسمى بزيارات البقاء منذ الصباح وحتى المساء للزائرين. فمثلا فى حديقة حيوان بانكوك فى تايلند يتم تزويد الزائرين ببرنامج محدد لمدة ساعتين أو ثلاثة ينتهى إلى منطقة المطاعم والهدايا المتعلقة بالحديقة ليتاح لوفود زائرة آخرى بزيارة الحديقة وتخفيف الضغط عليها. وبرنامج الزيارة يشمل عروض ترفيهية وليس مجرد" الفرجة " على الحيوانات" ومداعبتها واللعب معها والذى يصل فى بعض الأحيان إلى " حركات مرفوضة وهزار ثقيل" غير مقبول
التطوير سوف يستغرق عاما وعشاق ال" جنينة " يمكن أن يتحملوا فترة الاغلاق بشرط أن يأتى التطوير بما يتمنوه وبما يليق بأقدم حديقة حيوان فى افريقيا والشرق الأوسط برفع كفاءة جميع خدماتها وتوفرها بشكل مناسب للزوار واستعادة رونقها وعودتها من جديد إلى التصنيف الدولى لحدائق الحيوان الذى خرجت منه 2004 بسبب عدم اتباع المعايير الدولية فى إيواء الحيوانات.
وكان من المحزن والمؤسف أن تخرج أقدم حديقة حيوان فى الشرق الأوسط من التصنيف الدولى.. فالحديقة العريقة تأسست سنة 1891 وكانت تسمى «جوهرة التاج لحدائق الحيوان فى أفريقيا»
وأمر بإنشائها الخديوى إسماعيل، وتم افتتاحها فى العام 1891 فى عهد الخديوى توفيق ابن الخديوى إسماعيل. حيث بدأت بعرض أزهار ونباتات مستوردة غير موجودة فى الطبيعة المصرية. وتضم الحديقة حوالى ستة آلاف حيوان من نحو 175 نوعا، بينها أنواع نادرة من التماسيح والأبقار الوحشية.
وتبلغ مساحتها الحديقة نحو 80 فدانا، وتوجد بها جداول مائية وكهوف بشلالات مائية وجسور خشبية، وبحيرات للطيور المعروضة. كما تحوى متحف تم بناؤه فى العام 1906 ويحوى مجموعات نادرة من الحيوانات والطيور والزواحف المحنطة.
وتضم الحديقة جسر أيفل المعلق الذى يرتكز على جبلين كبيرين تم تصميمهم خصيصًا للكوبرى كنقاط ارتكاز ليكون الكوبرى فى أعلى نقطة فى الحديقة لمشاهدة الزوار روعة المكان بكل ما فيه من مناظر طبيعية ومن حيوانات وزهور ونباتات وأشجار. وصممه المهندس الفرنسى الشهير "جوستاف إيفل" وأطلق عليه " كوبرى ايفل المعلق ونفذته شركته ايفل بين عامى ١٨٧٥ – ١٨٧٩ قبل إنشاء برج إيفل بحوالى عشر سنوات عندما كانت الحديقة جزءا من قصر الجيزة وبالطبع قبل افتتاحها الرسمى عام ١٨٩١ فيما بعد ويظهر عليه شعار الخديو إسماعيل المكون من حرفى IP وتزينه ثلاث نجوم وأسفله هلال ونجمة ويعلوه التاج الملكى.
ويتميز الكوبرى بأنه يكشف حديقة الحيوان من أعلى فى منظر بانورامى وشاهدناه فى العديد من الأفلام المصرية وربما أهمها فيلم " موعد غرام" بطولة عبد الحليم حافظ وفاتن حمامة وفيلم "غريب فى بيتي" بطول نور الشريف وسعاد حسنى وغيرهما من الأفلام المصرية ويعتبر الكوبرى تحفة فنية ومعمارية لا نظير لها فى العالم
أما حديقة الأورمان فقد كانت جزءا من قصر الخديوى – سراى الجيزة- وكانت مساحتها وقت انشائها 95 فدانا وأنشئت عام 1875 فى عهد الخديوى إسماعيل بهدف إمداد القصور الخديوية بالفاكهة والموالح والخضر والتى تم استجلابها من جزيرة صقلية ونباتات مزهرة من جميع أنحاء العالم
وتضم الحديقة ثلاثة أجزاء الأورمان والحرملك والسلاملك.وتم فصل «حديقة الأورمان» عن حديقة الحيوان عام 1890 وظلت تابعة لقصر الخديوى حتى عام 1910 ثم تسلمتها وزارة الزراعة وعندما تم التخطيط لشارع الجامعة عام 1934 استقطع الجزء الجنوبى منها وضم إلى حديقة الحيوان فأصبحت مساحتها 28 فدانا، وهى من الحدائق النباتية النادرة فى مصر ويقام بها أقدم معرض للزهور فى العالم منذ 90 عاما منذ عهد الملك فؤاد. وكلمة أورمان تعنى فى اللغة التركية" الغابة" أو "الأحراش".
التطوير خطوة فى غاية الأهمية وينتظرها عشاق الحديقتين لتعودا إلى المكانة اللائقة بهما بعد أن تفوقت عليهما حدائق مصطنعة فى منطقة الشرق الأوسط وتميزت عليها فقط بالخدمات والبرامج الترفيهية.