فى ذكرى سعد عبد الوهاب... نجومية سريعة واعتزال أسرع

بالأمس مرت ذكرى ميلاد فنان مبدع جميل مازلنا نعيش ألحانه وأغانيه رغم عددها القليل وأيضا أفلامه القليلة.. وترك بصمة واضحة فى تاريخ الغناء المصرى لكنه لسوء حظه- وحظنا معه- اختفى لفترة طويلة وسافر لفترة إلى السعودية ثم فترة أطول من حياته إلى الإمارات وعاش هناك وأصبح صديقا ومقربا من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان- رحمه الله- مؤسس الدولة وأول رئيس لها عام 71. سوء الحظ الآخر – له ولنا – أن فنانا الجميل سعد عبد الوهاب المولود حسب ما ذكره ابنه هانى المقيم فى دبى على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك يوم 16 يوليو عام 1926 – وهناك من يقول 16 يونيو- فى بلدة بنى عياض بمحافظة الشرقية عاش فى جلباب عمه الموسيقار محمد عبد الوهاب ويعوم فى نهره الموسيقى الخالد ويغوص فيه ليقتنص منه أكثر من 200 لحن و7 أفلام وتعرض لمقارنات ومقاربات بينه وبين عمه سواء فى الغناء أو الألحان والتى لم تكن بالتأكيد فى صالحه، فآثر الابتعاد -حسب تفسير البعض فى الوسط الفنى فى تلك الفترة- فى وقت مبكر وهو فى قمة توهجه وشهرته وابداعه ولذلك وعلى الرغم من النجاح الكبير الذى حققه إلا أنه لم يستمر فى العمل بالسينما وفضل طريق آخر للخروج الآمن منه لكنه تفسيرات الظهور والاختفاء ظلت تلاحقه حتى بعد وفاته فى نوفمبر عام 2004 والتى تؤكد أن حياته فى جلباب عمه هى السبب وراء عدم تحقيق نفس شهرته ونجاحه. على الرغم من أن الموسيقار عبد الوهاب كان يساعده كثيراً بدليل أنه كان يهديه فى كل فيلم لحنا خاصا دون مقابل مادى. عاش الفنان الجميل سعد عبد الوهاب حياة النجومية السريعة وكان ملء السمع والبصر فى وقت قصير للغاية لا يتجاوز 8 سنوات فقط من عام 49 وحتى عام 1957 مع آخر أفلامه علمونى الحب مع الفنان ايمان وأحمد رمزى وعبد السلام النابلسى وسراج منير والذى غنى فيه أشهر أعماله التى لحنها له عمه الموسيقار عبد الوهاب مثل أغنية من خطوة لخطوة يا قلبى والدنيا ريشة فى هوا وعلى فين واخدانى عينيك ومن كلمات مأمون الشناوى وحسين السيد. فى قرية بنى عياض بالشرقية ولد سعد حسن محمد عبد الوهاب أبو عيسى حجر – اسمه بالكامل- وكان والده الشيخ حسن رجل دين ملتزما اعترض فى البداية على اشتغال ابنه فى مجال الفن حتى ينتهى من دراسته. وبعد حصوله على بكالوريوس الزراعة عام 49 من جامعة القاهرة وعمل لفترة قصيرة فى شركة السكر بنجع حمادى ثم التحق بالعمل كمذيع فى الإذاعة المصرية لمدة 5 سنوات. من هنا بدأ والده، الشيخ حسن يشجعه ويدعمه للعمل فى المجال الفنى وعمره لم يتجاوز عشرين عاما حيث قدمه المخرج حسين فوزى للسينما فى فيلم العيش والملح مع لولا صدقى ووداد حمدى وسعاد أحمد وعباس فارس ومختار حسين، وغنى لأول مرة بالسينما من الحان الموسيقار على فراج وقدم له عمه الموسيقار محمد عبد الوهاب لحن " احبك " من كلمات حسين السيد وتم عرض الفيلم فى سينما الكورسال فى 17 يناير 1949 وكانت باكورة أعماله السينمائية، ثم جاء فيلمه الثانى " أختى ستيتة " أمام المطربة المشهورة صباح وحسن فايق وقدم مجموعة من الأغانى من ألحان رياض السنباطى ومحمد القصبجى وفريد غصن ويوسف صالح وعرض الفيلم فى دار سينما رويال بالإسكندرية فى 13 مارس 1950 من اخراج حسين فوزى والفيلم الثالث " بلدى وخفة " من اخراج حسين فوزى وبطولته مع نعيمة عاكف ولولا صدقى وعباس فارس وإستيفان روستى وزينات صدقى وشكوكو، وغنى مجموعة من الأغنيات من تأليف حسن توفيق وألحان الموسيقار على فراج ومحمد القصبجى وعرض بسينما راديو بالإسكندرية فى 2 أبريل 1950. رابع أفلام سعد عبد الوهاب " سيبونى أغني" كان من انتاج الموسيقار محمد عبد الوهاب ومن اخراج حسين فوزى والبطولة لصباح واسماعيل يس والياس مؤدب والراقصة هاجر حمدى وقدم مجموعة أغنيات من ألحان عمه محمد عبد الوهاب وعرض فى دار سينما "ريتس" بالإسكندرية فى 18 سبتمبر 1950م. الفيلم الخامس كان (بلد المحبوب) من إخراج حلمى رفلة وكان أيضا من انتاج محمد عبد الوهاب وكانت البطلة امامة المطربة سعاد مكاوى وشريفة ماهر وزينات صدقى وعبد الوارث عسر وحسن فايق وتحية كاريوكا واسماعيل يس وغنى مجموعة من الأغانى من كلمات أبو السعود الأبيارى والألحان لعبد الوهاب. وفى هذا الفيلم غنت سعاد مكاوى أشهر أغانيها " قالوا البياض أحلا " وكان من المفترض أن يغنيها سعد عبد الوهاب لكن الموسيقار عمه فضل أن تغنيها سعاد مكاوى وعرض الفيلم فى 29 نوفمبر عام 1951 فى سينما ريالتو بالإسكندرية. أما الفيلم الوحيد الذى أنتجه سعد عبد الوهاب فهو فيلمه السادس " أمانى العمر" إخراج سيف الدين شوكت والبطولة أمامه لماجدة وزهرة العلا وأحمد توفيق ووداد حمدى ولم يكرر سعد عبد الوهاب تجربة الإنتاج مرة آخرى، حيث اضطر إلى السفر من القاهرة إلى بيروت ثم دمشق فحلب ليعود إلى القاهرة من جديد وذلك حتى يضمن الربح المادى للعمل الفنى وإزاء هذا التعب قرر اعتزال السينما نهائياً وألا يجازف بإنتاج أى فيلم لحسابه الخاص وقد سجل هذا الفيلم آخر مشاركة للفنان سليمان نجيب حيث توفى بعدها، وغنى سعد عبد الوهاب لأول مرة من ألحانه كما غنى من ألحان محمد عبد الوهاب مجموعة من الالحان وعرض فى سينما الكورسال فى 11 أبريل 1955. الفيلم السابع والأخير هو ( علمونى الحب ) عام 57 كان من انتاج محمد عبد الوهاب وهنرى بركات ومن اخراج عاطف سالم وكانت البطولة لإيمان واحمد رمزى وعبد السلام النابلسى والراقصة الاستعراضية نيللى مظلوم، وقدم فيه سعد مجموعة ألحان لمحمد عبد الوهاب ومن ألحانه أيضا. الطريف أنه فى هذا الفيلم كان المخرج عاطف سالم ينبه سعد عبد الوهاب إلى طريقة غنائه القريبة جدا من عمه وطالبه بعدم تقليده والتأثر به. وكما تغنى سعد عبد الوهاب من الحان عمه ورياض السنباطى وعبد العزيز محمود والموسيقار على فراج وغيرهم، غنى من ألحانه أيضا كثير من المطربين مثل محمد قنديل وشريفة فاضل وصباح وفايدة كامل، كما تعاون معه شعراء ومؤلفين كثيرين منهم مأمون الشناوى وحسن توفيق وشريفه فتحى وعبد العزيز سلام وأحمد شفيق كامل وحسين السيد ومحمد اسماعيل وأمين عبد المؤمن وأبو السعود الإبيارى وسيد مرسى وغيرهم. بصورة مفاجئة وفى ظل نجوميته وشهرته يختفى سعد عبد الوهاب عن ساحة الغناء والفن فى مصر ويسافر للعمل فى الإذاعة السعودية ثم إلى دولة الامارات العربية المتحدة للعمل كمستشار للإذاعة. وهناك اقترب من الشيخ زايد الذى كان يتذوق الفن والغناء ويعشق الفن المصرى ويكلفه بوضع ألحان السلام الوطنى لدولة الامارات الوليدة الذى وضع كلماته الشاعر الإماراتى عارف الشيخ عام 71 ومنحه الشيخ زايد جنسية الدولة وعاش حوالى 20 عاما فى الامارات قبل أن يعود إلى مصر فى منتصف التسعينات بعيدا عن الوسط الفنى حتى توفى بمُستشفى فلسطين بالقاهرة فى 22 نوفمبر عام 2004م عن عمر يناهز 75 عاماً بعد معاناة مع المرض لمدة ثلاث سنوات تاركا رصيدا غنائيا وسينمائيا متميزا ومؤثرا. وقد كرمه مهرجان القاهرة الدولى الثامن للأغنية ومنحه درع المهرجان تقديراً لمشواره الفنى الحافل والذى استمر لأكثر من 50 عاماً من العطاء وقد لاحقته العديد من الشائعات بعد اعتزاله منها أنه اعتزل بسبب غيرة عمه الموسيقار محمد عبد الوهاب منه، كما اتهم سعد عبد الوهاب بأنه كان يتقمص شخصية عمه وأنه كان يقلده وغيرها من الشائعات، ولكن وبشهادة المقربين منه فإن الفنان سعد عبد الوهاب كان إنسانا زاهدا، ولم يسع للشهرة، وهو ترك العمل بالفن عن قناعة ودون أى ضغوط. وبالرغم من قلة أعماله الغنائية إلا أنها تركت أثر فى مجال الغناء العربى ومازال عشاقه ومحبيه يرددون أغانيه الجميلة حتى الآن وأشهرها” الدنيا ريشه فى هوا ” و” القلب القاسي" و" من خطوة لخطوة ياقلبى " و" على فين وخدانى عنيك ” و” شبابك أنت ” و” وشك ولا القمر” و” النبى وصى على سابع جار ” وأغانيه الوطنية الرائعة مثل ” عاشت ثورتنا ” و" ثورتنا إرادتنا " و" شعبنا لبى الندا " و" صحيت الدنيا ".



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;