ليس مهما تفاصيل حريق مسرح السامر بالعجوزة عام 75 ثم اغلاقه عقب زلزال 92 ولمدة 31 عاما كاملة حتى افتتاحه مرة أخرى مساء الأحد الماضي.
وليس مهما كثيرا أن يعود " السامر" بصورته التقليدية القديمة وأن يتم تدشينه في حلته الجديدة بعيدا تماما عن ما كان معروفا عنه من تصميم مميز عام 1970 تماشيا مع ما كان يقدمه، حيث أصبح الآن نموذجا للمسرح الإيطالي المسمى بـ" مسرح العلبة"
لا يهم كثيرا ... ما يهم عودة مسرح السامر من جديد بكل ما يحمله من تاريخ ودور فني وابداعي كبير لأعمال مسرحية عظيمة ومهرجانات لفناني وفرق مصر الشعبية والمسرحية من مختلف المحافظات بسبب مجهود رجل أخلص لفكرة ومشروعية الفن للجميع ومن حق الجميع من أبناء الشعب المصري في الصعيد ووجه بحري وفي الواحات وسيناء أن يفن ويغني ويمثل ويعبر بغنائه وفنه عن أفراحه وأتراحه وعاداته وتقاليده وتراثه وثقافته... هذا الرجل هو رائد الفن الشعبي والأب الروحي له ..الفنان والمؤلف والكاتب والأديب زكريا الحجاوي.
فإعادة الروح لمسرح السامر مرة آخرى هي إعادة الاعتبار للحجاوي ومن أكمل مسيرته وتقديرا واعتزازا بما قدمه للفن الشعبي في المسرح سواء على السامر أو فرقة الفلاحين الذي تم الغاءها بشكل مفاجئ في منتصف السبعينات أو باكتشافاته العظيمة لرموز الفن الشعبي في مصر. وليست بمعلومة جديدة أن الدولة غيرت اسم مسرح السامر الى مسرح زكريا الحجاوي تكريما له بعد وفاته عام 1975 ومنحت اسمه شهادة تقدير من أكاديمية الفنون، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى. وهو المسرح الذي افتتحه بعد حريق عام 75 الرئيس السادات في عام 1978.
افتتاح السامر بما يمثله وبكل ما يحمله من تاريخ إبداعي، فهو إضافة للثقافة المصرية وللمسرح المصري لأنه يعتبر ضلعا مهما في حركة الفن والمسرح المصري في قضية بناء الإنسان، وتنمية الوعي والفكر والحفاظ على الهوية المصرية في اطار التنمية الشاملة للدولة والجمهورية الجديدة
العودة الجديدة هنا لمسرح السامر معناه استكمال دوره ورسالته في ترسيخ المبادئ والقيم الإنسانية النبيلة والحفاظ على الهوية المصرية للمسرح المصري من خلال فنانينا وفرقنا الفنية والمسرحية، فالسامر هو رئة الفن المصري خارج العاصمة ونافذته التي يطل منها على كافة فئات المجتمع بكل قضايا وأحلامه وأفكاره. فالسامر باختصار هو عودة مسرح الأقاليم ليطل من جديد عبر نافذة القاهرة بما يساهم في أعاد الروح للحركة المسرحية المصرية في الأقاليم بعد أن توقف العديد منها وجفت منابعها.
وفرصة أيضا للشباب والجيل الجديد في مشروع وزارة الثقافة "ابدأ حلمك" لتدريب أبناء مصر من محافظات الجمهورية، على فنون المسرح وإعداد الممثل الشامل، لتتواصل رسالة الإبداع بين الأجيال من خلال أحد أشهر وأهم المسارح المصرية، والذي تخرج منه العديد من نجوم المسرح والفن المصري. وهنا أنوه الى ضرورة الاستعانة برموز مسرح السامر الذين مازالوا على قيد الحياة
فرحة عودة " السامر" وافتتاحه تعيد أيام مجده وتوهجه وتألقه، فعلى هذا المسرح أقيم اشهر و أهم مهرجان مسرحي للثقافة الجماهيرية ( مهرجان المائة ليله ) برئاسة د. سمير سرحان حيث حشد له تغطية نقدية و اعلامية غير مسبوقة و تكونت لجنة تحكيم من قامات فنية عظيمة ..وفي حفل توزيع جوائز المهرجان كان علي المنصة وزير الثقافة عبد الحميد رضوان و د سمير سرحان و فريد شوقي و علي الغندور و حسين جمعه .. بينما كان حمدي غيث يعلن اسماء الفائزين . وقدمت فرقة الفيوم في المهرجان مسرحية ( ملك الشحاتين) لنجيب سرور الى جانب باقي فرق الأقاليم المسرحية.
وقدمت عليه السيرة الهلالية وافلام المهرجان القومي للسينما والفنون الشعبية بقيادة المرحوم عبد الرحمن الشافعي وأعمال كبار الكتاب مثل يسري الجندي وأعمال زكريا الحجاوي
وفكرة مسرح السامر ببساطة كما أرادها الرواد الأوائل وفي مقدمتهم زكريا الحجاوي هو أن يلتقي فوق خشبته الممثلون والجمهور ضمن فرجة احتفالية واحدة مسلية وممتعة ومفيدة، ينصهر فيها الجميع، فينكسر الجدار الرابع الفاصل بين الممثلين والمتفرجين. أي يتشكل المسرح السامر من خلال وجود جماعة من الممثلين المؤدين والمتفرجين الراصدين. وبالتالي، يتحقق في هذا المسرح الشعبي الفطري الحضور الجماعي أداء وتلقيا.
كان من المفرح والمبهج أن يشهد حفل الافتتاح يوم الأحد الماضي في حضور وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني، تكريم رموز فرقة السامر المسرحية على رأسهم اسم الفنان عبد الرحمن الشافعي رائد مسرح السامر . وأن يتصدر المسرح ثلاث تماثيل نصفية للاب الروحي زكريا الحجاوي وللرائد عبد الرحمن الشافعي وللمبدع سعد الدين وهبه
وكان مفرحا أيضا تكريم الفنان هشام عطوة رئيس هيئة قصور الثقافة السابق- الذي ترك منصبه منذ أسبوع واحد فقط- تقديرا لدوره في إعادة أحد أهم مسارح الدولة وأكبر مسارح الثقافة الجماهيرية . فالهيئة هي التي أشرف على مشروع تنفيذ تطوير وإعادة بناء مسرح السامر
عموما افتتاح سينما أو مسرح أو موقع ثقافي في أي مكان في مصر هو بمثابة عيد للثقافة والفن المصري فما بالنا اذا كان الافتتاح لأحد أهم مسارح مصر وهو مسرح السامر.