إتيان أى شخص بفعل فاضح فى الطريق العام "حرام وعيب وغلط وزى ما أنت عاوز تقول قول"، لكن أن نعمد إلى تصويره ونشره في وقاحة فإن هذا هتكٌ وفضحٌ لما أمر به الله ورسوله أن نستره.
التحلى بالأخلاق والالتزام بالدين والتمسك بالأعراف وحب الخير، كل هذا يدعونا للستر والنصح ونشر الحمائد وكتم الرذائل ووأدها.
فى قصَّة ماعز بن مالك الأسلمى ذلك الرجل الذى قدم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترف على نفسه بالزِّنى.. أغلبنا يعلم تلك القصة وأن النبى قال له لعلك قبّلت.. لعلك فخّذت إلخ.. ولكن قليل منّا من يعلم أن هناك رجلا أشار على ماعز بالذهاب إلى النبى وإخباره بذنبه، ذلك الرجل اسمه "هزّال" لما علم النبى أنه صاحب فكرة افتضاح الأمر، قال له: (يا هَزَّال، لو سَتَرْته بردائك كان خيراً لك) فأراد النبى من هزّال أن يستره ويكتم خطيئته ويأمره بالتَّوبة.. دعوة وتوجيه ورغبة في الستر، إذًا الستر من الدين بل هو من أصل الدين.
أبو بكر الصديق رضى الله عنه يقول: "لوْ لمْ أجِدْ للسارق والزانى وشارب الخمر إلا ثوبى لأحببت أن أستره عليه".. إذًا الستر من الدين بل هو من أصل الدين.
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب يخبره عن أمر ابنته التي كانت قد وُئِدت فى الجاهلية واستخرجها وأدْركَت الإسلام، ثم أصابت حداً من حدود الله، فحاولت قتل نفسها، فأنقذها، وتابت توبة نصوحا، وأن الخطباء يأتون لخطبتها، فسأل أَأُخبر بما كان منها؟ فقال له عمر: أتُخْبِرُ بشأنها؟ تعْمَد إلى ما ستره الله فتبديه؟ وأمره بكتمان الأمر وتزويجها دون إخبار أحد بماضيها.. إذًا الستر من الدين بل هو من أصل الدين..
أيها القارئ لتعلم أنه ليس من أحدٍ إلاَّ وله خطأ لا يحب أن يَطَّلِع عليه الناس إلا من رحم ربى.. ولذلك كان السَّتْر على الناس خلقا وهديا نبويا، لما فيه من حفظ العورات وستر الناس، والإمساكِ عما يسوؤهم ويفضحهم بين ذويهم، وما ينبغي علينا إن رأينا ما نكرهه أن ننصح برفق ولين دون فضح، فالمخطئ له حق على مجتمعه، يتمثل فى نصحه بأفضل الطرق وأحسنها مع الستر عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يستر عبد عبداً فى الدّنيا إلّا ستره الله يوم القيامة).. فاستروا الناس يستركم الله، فلسنا ملائكة ولن نكون.