لأن التاريخ مسئولية الفاعلين في المشهد العام، فإن الواجب الوطني يدفعنا دفعا لضرورة أن نُذكر بعضنا البعض فيه، ولا نبخل بايصال المعلومة للأجيال اللاحقة، كما وصلت إلينا من الأجيال السابقة، وحيث أن المؤكد هو كون ثورة 23 يوليو 1952 من أعظم الأحداث التاريخية التي مرت على مصر فى عدة قرون مضت، وذلك لما لها من نتائج مباشرة وحقيقية ومنطقية، ومتجاوبة مع مطالب المواطنين من الطبقة الوسطى، والطبقات الأفقر في مصر، لذلك فنحن نذهب لتسجيل رأينا مدفوعين للكتابة وتسجيل ما لدينا من رؤية و قراءات حول ثورة 23 يوليو، لأن ذلك جزء رئيسي من الدور الذى لابد أن نقوم به للأجيال الحالية والمستقبلية، ولا نترك تاريخنا عرضة للاستهداف، ونترك قيم وطننا وتاريخنا السليم لكل من لديه صفحة على السوشيال ميديا، أو قرأ كلمة من هنا أو هناك ليتعرض لتاريخنا بالقيل والقال، وكأن التاريخ هو التاريخ المستورد إلينا من الخارج، رغم ما لدينا من معلومات حقيقية ومنضبطة حول كافة الأحداث التي مرت على مصر، كما أن لدينا شواهد رئيسية على عظمة الأحداث في مصر عموما.
وفيما يخص ثورة 23 يوليو تحديدا فإن أعظم مكتسب يمكن أن يحدث في تاريخ أي أمة، هو جلاء الاحتلال عنها، وهو ما حدث في ثورة 23 يوليو، حيث تم جلاء الانجليز عن مصر بعد أكثر من سبعين سنة تقريبا، وتحتفل مصر بذلك التاريخ من كل عام في 18 يونيو، وهو ذكرى رحيل آخر جندي إنجليزى عن مصر، كما أن المكتسبات المباشرة لثورة 23 يوليو هو فكرة تأسيس الجمهورية وإلغاء الملكية، وحيث أن النظام الجمهوري هو النظام الأنسب للمزاج الشعبى المصرى، الذى يرغب دائما في التجديد والتغيير، وابداء رأيه في كل مستويات الحكم في مصر، ومن المكتسبات التي ترتبت على تأسيس الجمهورية، هو صعود الطبقات المتوسطة والفقيرة في الوظائف العامة، وكان ذلك مكسبا عظيما للغاية، يتوافق مع فكرة سيطرة الشعب على مقاليد الحكم، وعلى دولاب عمل الدولة ككل، وترتب على ذلك أيضا الاهتمام بانشاء المصانع الكبرى التي نفتخر بها حتى الآن، مثل مصانع الحديد والصلب، وصناعة السفن والسيارات، وغيرها من المصانع كثيفة العمالة، والتي حدت من البطالة بشكل حقيقى وواقعى، قبل أن يتدهور حالها بعد ذلك، ومن الإنجازات العظيمة للغاية في ثورة 23 يوليو هو فكرة زعامة المصريين الحقيقية في الإقليم، فكانت مصر في فترة الثورة قبلة للعالم بأسره، ويمكنك أن تقرأ كيف كان رأي نيلسون مانديلا حينما كان يرغب في رؤية جمال عبد الناصر، وكذلك زيارة تشي جيفارا لمصر، ودعم مصر لكافة حركات التحرر والقومية في الدول المختلفة حول العالم.
أيضا كان لثورة 23 يوليو دور رئيسي في دعم الأدوات الوطنية المحلية على كافة المستويات، وكان انتصارها يمثل انتصارا للهوية الوطنية المصرية، واستقلال القرار، و ندية اتخاذ القرارات مع أي دولة في العالم، وكلها أمور يمكن أن نلاحظ تكرارها في ثورة 30 يونيو 2013، و بينهما أمور متشابهات كثيرة للغاية.