أحلام الأمس حقائق اليوم، وحقائق اليوم أحلام الأمس، ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتوقف الإنسان عن الحلم، فهو غذاء الروح كما أن الطعام غذاء الجسم، وخلال حياتنا وأيامنا التي يداولها الله بين الناس، نرى أحلاما تخيب، ورغبات تحبط، لكن يجب الاستمرار في الحلم وإلا ماتت الروح فينا.
مع اقتراب ظهور نتيجة الثانوية العامة، تتصاعد الأحلام للطلاب في الالتحاق ببعض الكليات، مما يطلقون عليها "كليات القمة"، نتيجة ضغوط أسرية منذ نعومة أظافرهم، "عايز أشوفك دكتور، عايزك تبقى صيدلانية، عايزك مهندس، وعايزك وعايزك...".
يرسم الآباء خريطة المستقبل للأبناء، ويحلمون لهم، ولا يترك البعض متنفسا لجيل جديد يحلم ويخطط لمستقبله، مبررين ذلك بخوفهم عليهم، "احنا نعرف أكتر"، وربما لا يترك بعض أولياء الأمور مجالا للأبناء للتفكير، أو حتى النقاش، ويكون الأمر بمثابة "فرمان" يجب تطبيقه.
مع التغيرات والتطورات والحداثة التي تصيب مجتمعنا، بات لا شيء يعرف باسم "كليات القمة"، في ظل استقطاب سوق العمل لهؤلاء الذين يتقنون علوم الحواسب الآلي، في عصر السوشيال ميديا التي تغولت في حياتنا، وبات عالم التقنيات الحديثة والانترنت هو المستقبل، يتزاحم معه في ذلك بعض التخصصات الأخرى التي باتت مطلوبة في هذا العصر، وهذا لا يعني أن علوم الطب والهندسة قد ولى زمانها، ولكن المستقبل ليس قاصرا عليها، بل هناك توسع في مجالات أخرى، فلكل تخصص حاجته.
باختصار، لا تحصروا أحلام أبنائكم في كليات معينة، وجهوا لهم النصيحة واتركوا لهم الاختيار، لا تقتلوا أحلامهم، ولا تستهينوا بها، فلا شـيء أقسى على النفس من رائحة الأحلام وهي تتبخر، فشباب بلا أحلام كربيع بلا زهور.
أصحاب الأحلام الكبيرة لا تهمهم متاعب الرحلة ولكن المهم أن يصلوا، والنجاح يعتمد على أحلامك ليست تلك الاحلام التي تراها في نومك وإنما التي تخطط لها في اليقظة، وستحققها إذا كنت تملك الشجاعة لمطاردتها، فحارب لأجل أحلامك ولو لم يحارب معك أحد، لأنه في أوقات الضعف تكون الأحلام باهظة التكاليف.
احلموا، فلا علاقةَ لأحلامِنا بــ أعمارنا، فالأحلام لا تشيخ، فحلمك يبقى حلمك ما لَم تُحقّقه، وعيشوا لتحققوا أحلامكم بدلا من أن تحطموا أحلام الآخرين.