الجميع يعاني من ظروف طقسية سيئة خلال هذه الأيام، ويشتكي من ارتفاع دراجات الحرارة بشكل غير مسبوق، خاصة هؤلاء الذين تتطلب ظروفهم التواجد بالشوارع نهارا، ويتعرضون لأشعة الشمس الحارقة.
ومع موجة ارتفاع الحرارة وشعور البعض بـ"الزهق" و"الفرهدة" لا يستطيع بعضهم التحكم في نفسه، ممن يطلق عليهم " ضيقين الخُلق"، هؤلاء الأشخاص الذين لا يجيدون "طول البال"، فى هذه الظروف الطقسية السيئة.
هؤلاء الأشخاص الذين لا يتمتعون بقدر كبير من الصبر، يجب أن نتعامل معهم بهدوء شديد، نحتويهم، ولا نجادلهم، وإنما نجعل اللطف واللين شعارا لنا خلال هذه المرحلة.
في هذه الأجواء الطقسية الصعبة، نحتاج إلى الكلمات العطرة التي ترطب الأجواء، تلك الكلمات النابعة من قلوب دافئة مليئة بالمحبة والرحمة والود.
نعم، نحتاج لهؤلاء الأشخاص المريحين نفسيا، الذين يتربعون على شرفات القلوب، ويقفون على شاطئ الرضا، بوجوه بشوشة، وقلوب متسامحة.
في هذه الاجواء نحتاج لقلوب مليئة بـ"المحبة والرحمة والود"، لا قلوب فظة ينفض الناس من حولها، فدعوا قلوبكم تلاطف الغرباء، وتكرم الأحباء، فلم يبقى من الإنسان سوى سيرته، فاختر لنفسك ما يليق بها، فان الله إذا أحب عبداً رزقه "لين القلب" فويل للقاسية قلوبهم.
في هذه الأجواء الصعبة تعاملوا مع الآخرين بهدوء ونقاء وضعوا أيديكم على قلوبكم وأقسموا أن هذه القلوب ستبقى نقية حليمة، مهما تأذت ستواجه العالم بالرفق واللين، بـ" لين القلب ودفء لسان".
اصبروا على غيركم، والتمسوا لهم الأعذار، ولا تجعلوا عصبيتكم تتحول لغضب، فتندموا، وربما تقع الكارثة، فتجدوا أنفسكم خلف الأسوار في لحظة غضب.
قبل عدة سنوات من الآن، ذهبت فى رحلات مكوكية عديدة، كنت أزور فيها مراكز الإصلاح والتأهيل، بصفتى محررًا للشئون الأمنية، كنت أحاور النزلاء، وأقف معهم على "عتبات الصبر"، يتحدثون عن سر وجودهم خلف الأسوار، بسبب موقف ما، فقدوا فيه أعصابهم، واستنفذوا صبرهم، فكانوا فى هذا المكان، منهم من لم يصبر فقتل أو سرق أو ارتكب جريمة أخرى، ليجد نفسه خلف الأسوار، ولسان حاله يقول:" ليتنى لم أفعل كذا، ليتنى كنت نسيا منسيا".
تحلوا بالصبر، وأعلموا أن للصبر شُعلة أمل تُضىء ظلمات اليأس، ولا بُدَّ لشجرة الصبر أن تطرح ثمار الأمل.
وإذا صدر منك تصرف متهور بسبب ضيق خُلقك فى موقف ما، فلا تتكبر أن تعتذر، وتقول: "أنا آسف"، فيعتقد البعض بالخطأ أن "الاعتذار" ضعف ووهن، ونقطة ضعف لا يجب إظهارها، كونها دليل انكسار وهزيمة لا تليق بهم، في حين أن الاعتراف بالخطأ فضيلة، والاعتذار عنه فضيلة أخرى، والاعتذار ليس كلمة تقال فى زحمة الحديث وتبرير الخطأ وإنما ثقافة يجب ترسيخها عند الجميع.