مفهوم الحرية، بكل تأكيد يختلف من شخص لآخر، ومن مجتمع لمجتمع، فهي ليست قاعدة ثابتة، لكن الأهم، هو كيفية زراعة المفهوم الصحيح في الأطفال الصغيرة، حتى نصنع أجيالا واعية تبني في مجتمعنا وتحافظ على بلادنا أمام أطماع من يريد تدميرنا.
لينا ابنتي، ذات الـ12 عامًا، وجدتها في أحد الأيام، تتحدث معي مفهوم الحرية، قائلة :"كتبت موضوع تعبير فى المدرسة عن الحرية من وجهة نظرى"، وبدوري قرأت الموضوع بعد أن أرسلته لى وتناقشت معها.
كان نص موضوع التعبير التي كتبته لينا على النحو التالي:
الحرية أغلى شيء في حياة الانسان، ضحي من أجلها الكثير، فالحرية هي قدرة الانسان على اتخاذه قراره بنفسه، فلقد خلق الله الإنسان حرا مالم يضر أحد.
الحرية لا بد أن تكون مصحوبة بمسؤولية، فهي يجب أن تقف عند حدود الآخرين، حتى لا تضرهم، بل ويجب أيضا على الشخص الحر الذي يستطيع أن يتخذ قراراته بنفسه أن يتحمل مسؤولية ونتائج قراراته، فتمتع أي إنسان بحريته يساعد فى بناء المجتمع.
الحرية ليست على طريقة خالف تعرف أو تقول آراء شاذة ضد تقاليدنا، أو تكون بهدف إثارة بلبلة في البلاد لتحقيق أغراض شخصية، فمصلحة الوطن أولا وأخيرا.
لقد ظل الإنسان على مر العصور يبحث عن حريته لما يعرفه من أهميتها، وكانت خطبة أحمد عرابي أمام الخديوي توفيق التي قال فيها :" لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثنا أو عقارا".
دليل على أن الانسان خلق حرا دون تدخل أحد في قراراته وحياته وأن الحرية أساس فى تقدم الأمم.
الحرية شمس تشرق فى حياة الإنسان ولولاها لكانت حياته في ظلمة حالكة، فهي حقا من حقوقه التي وهبها الله له.
لامست لينا الحقيقة في مفهوم الحرية، وتحديدًا عند الحديث عن أهمية الحفاظ على فكرة الوطن الذي يحتوينا جميعًا بمختلف الأيدولوجيات وعدم استخدام الفكرة فى الهدم أو السقوط فريسة لأصحاب الأجندات الخاصة في تدمير المجتمعات.
السنوات الأخيرة، كانت كفيلة لإثبات تلك النظرية، فقد تعرضنا لكم كبير من الأزمات الكبرى خلف ستار الحرية، وبالتأكيد البلد تأثرت وعانت كثيرًا بسبب كم الشائعات المغرضة ، وأن أى شخص له مطلق الحرية في رأيه وقراراته وتصريحاته، لكنى أختلف مع هذا المنطق، فكل إنسان له الحرية لكن عندما تخرج عن قضبان الحقيقة أو تكون ضد المصلحة العامة للقطاع الأكبر يجب أن يكون وقفة مع النفس.
المواقف في هذا الملف كثيرة للغاية، لكنى لا أرصدها لكونها معلومة للجميع في أحداث كثيرة مرت علينا، إلا أن الغريب هنا أن الكثير سواء فنانين أو إعلاميين أو صحفيين أو لاعبين أو سياسيين أو حتى مواطنين عاديين بدأت تعجبه فكرة إطلاق الشائعات على ساحات السوشيال ميديا أو إثارة الجدل حول بعض الأحداث المهمة فى البلد بداعى الحرية، بل لم يتوقف الأمر عند ذلك فقط إنما وصل إلى إطلاق تصريحات مثيرة للفتن والجدل في الفضائيات وعلى صفحاتهم الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعى ضد الآخرين من أجل ركوب "التريند"، على طريقة الفنان الكبير عادل إمام في فيلمه "البحث عن فضيحة"، فكل ما يهم هؤلاء هو البحث عن الشهرة بأى ثمن حتي ولو على جثث الآخرين.
الخلاصة تقول : "مع الكم الهائل من مثيرى الفتن ومروجى الشائعات فى مجتمعنا لابد من إعادة النظر فى الأساليب التى سنواجه بها مفهوم الحرية خصوصا مع خفافيش الظلام الذين يستخدمون منصة مواقع التواصل الاجتماعى لنشر الشائعات المدسوسة لتصل إلى أكبر شريحة في المجتمع بقصد مبيَّت لأبعادها الخطرة التي تستعين بها الجماعات الإرهابية ويتم استخدامها من الدوائر الاستخبارية المعادية التي تعمل ضد مصالح الوطن".
ختامًا.. الحرية مسؤولية، والكلمة مسؤولية، الأهم أن نعلم جميعا بأن ما يحدث حاليًا أخطر بكثير من الحرب بالأسلحة،اللهم احفظ أولادنا وبلادنا.