اللقاء الثنائي أو القمة الثنائية التي سبقت انطلاق القمة الروسية الأفريقية بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت العنوان الأكبر الذي يعبر عن عمق ومتانة العلاقات التي تربط من جهة بين مصر وروسيا، وعلاقات الاحترام والود والتقدير المتبادل بين الزعيمين منذ عام 2013 وحتى الآن من جهة أخرى.
الاهتمام والحرص الذي أبداه الرئيس بوتين للقاء قمة خاص مع الرئيس عبد الفتاح السيسي يعكس مدى التطور ومدى العمق في العلاقات المتميزة والتاريخية بين القاهرة وموسكو وحجم التعاون المشترك في العديد من المجالات الصناعية والتجارية والاستثمارية والتقنية والفنية والأهمية الاستراتيجية التي تمثلها مصر لروسيا في الشرق الأوسط والقارة السمراء.
الرئيس الروسي قال خلال اللقاء إن هناك تقدما كبيرا تم إحرازه في العلاقات بين مصر وروسيا، وأن مصر احتلت جزءا كبيرا من التبادل التجاري مع قارة إفريقيا. ورد الرئيس السيسي بأن مصر حريصة على تعزيز العلاقات مع روسيا وتطوير التعاون الثنائي إلى مستوى تستحقها العلاقات بين البلدين، مهنئا الرئيس الروسي على مرور 80 عاما على العلاقات المصرية الروسية.
وفي كلمته أمام القمة الثانية أكد بوتين أن روسيا تعمل على تعزيز مشروعاتها فى مصر بمحطة الضبعة النووية والمنطقة الصناعية الروسية في محور تطوير قناة السويس من بين 30 مشروعا في مجال الطاقة تدعمها روسيا بـ 16 دولة أفريقية.
ما يمكن أن يقال فيما وصلت إليه العلاقات الثنائية بين مصر وروسيا إلى مستوى علاقات "الشراكة الاستراتيجية" قد تحقق نتيجة الرغبة المشتركة بين الجانبين، فتلك العلاقة سعت إليها موسكو كما سعت إليها القاهرة، فقد تلاقت المصالح عقب ثورة 30 يونيو وسقوط حكم الإخوان، ولذلك تبقى روسيا واحدة من الشركاء الكبار لمصر سياسيا واقتصاديا وتجاريا وعسكريا، وهي شراكة ترتكز على المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة في إطار السياسة الخارجية المصرية الناجحة التي انتهجتها مصر منذ عام 2014، وهي السياسة الأوسع والأكثر تنوعا وتوازنا وشمولا في العلاقات مع كافة دول العالم شرقا وغربا، والقائمة على الندية والاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة الوطنية وعدم التدخل في الشئون الداخلية.
كما أن مصر وفقا للاستراتيجية الروسية هي البوابة والمفتاح مصالح روسيا في المنطقة بحكم دور القاهرة التاريخي والحضاري والثقافي، علاوة على الإرث التاريخي والسياسي الذي يربط بين الجانبين، وقدرة القاهرة وسعيها الدائم إلى السلام والعمل على حفظ الاستقرار في المنطقة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى انضمام مصر إلى منظمة البريكس التي تضم في عضويتها حتى الآن روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وما يمكن أن تحققه مصر من مكاسب اقتصادية وتجارية من هذه الخطوة وتأييد روسيا لها.
ما يؤكد ما سبق هو الأرقام التي تشير الى مدى التطور اللافت في العلاقات المصرية الروسية، فقد ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين مصر وروسيا لتصل إلى 4.7 مليار دولار خلال عام 2022 مقابل 4.1 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 16.2%.، حسب ما ذكره جهاز الإحصاء والتعبئة.
فالعلاقات بين البلدين اتخذت شكلا جديدا منذ عام 2014 وتم التوقيع على العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وكذلك تم الاتفاق على شراكة استراتيجية، وقد تطورت العلاقات التجارية بين البلدين بشكل كبير فقد بلغ حجم التبادل التجاري في عام 2014 مبلغ 4.6 مليار دولار، في حين أنه كان في حدود مبلغ 900 مليون دولار فقط في 2013، مضيفاً بأن حجم التبادل التجاري بين البلدين قد زاد إلى 4.5 مليار دولار خلال عام 2020 ثم قفز حجم التبادل التجاري إلى مبلغ 4,7 مليار دولار خلال عام 2021.
وبلغت عدد الشركات الروسية التي تستثمر في مصر حوالي 400 شركة روسية بإجمالي استثمار 7.4 مليار دولار يوفر العديد من فرص العمل، ومن أهم هذه المشروعات بالطبع مشروع الضبعة النووي بتكلفة استثمارية قدرها 29 مليار دولار منها قرض وتمويل روسي قدره 25 مليار دولار، بالإضافة إلى المنطقة الصناعية الروسية في محور تنمية قناة السويس المتوقع أن تكون حجم الاستثمارات في هذه المنطقة يتجاوز الـ 8 مليارات دولار.
ويشهد التعاون بين مصر وروسيا في مجال الطاقة على التقدم الملحوظ للتعاون الروسي المصري الأمر الذي يبدو واضحاً في ميادين استخراج وإنتاج النفط والغاز الطبيعي. وتتطور العلاقات الثنائية في ميدان بناء المكائن، فيتم في مصر منذ عدة سنوات إنتاج سيارات «لادا». وقد وقعت شركة «كاماز» المساهمة الروسية مذكرة تفاهم في مارس مع شركة مصرية. ومؤخرا أدرج البنك المركزي الروسي الجنيه المصري ضمن أسعار صرف العملات بروسيا في المعاملات التجارية.