"كل شوية نكبر.. حبة حبة حبة.. نكبر قد الحبة.. حبة القمحاية.. والسنة اللي جاية.. هانزود شمعاية.. على راس التورتاية"، أتمت اليوم أميرتي الصغيرة "مكة" عمرها الرابع، نعم هي ابنتي البكرية، حبيبتي التي كنت لا أبالي بحالي قبل أن تأتي إلى الحياة، ولم يكن لدي مخاوف تجاه أي شيء في هذا العالم، ومع قدومها وملامسة أصابعي أطرافها الناعمة أصبحت أكثر حرصًا على نفسي وأكثر قوة مما كنت، كي أبقيها دائما في أمان، وأظلها بحال أفضل من حال والديها، وأوجدها في عالم يليق بها وبجمالها ويناسب حُسنها ورقتها.
حبيبتي اليوم تلامس أطرافها عام جديد، ومع مرور كل يوم بات الشاغل الوحيد لي كأب ينظر إلى عيناها الصغيرتان، أن تملأ السعادة حياتها، فهي شاغلي الشاغل الوحيد، وصديقتي الصغيرة المدللة، ابنتي ونور عيني وملاكي الذي أراه ينمو كل يوم أمامي، زهرة عمري وبسمتي التي ارتسمت على شفاه حياتي، وروحي الجميلة التي نعيش بها.
أتدري يا حبيبتي، أن حبي لكِ حب عظيم لن يضاهيه حب آخر ما حييت، يكفي أنكِ كنتي أول فرحة لقلبي عندما حملتك بين زراعي يوم مولدك، كنتي وما زلتي كالبدر الذي ينير حياتي ويرشدني إذا ضللت الطريق، لن تعرفي يا صغيري مدى هذا الحب إلا إذا أكرمك الله وأصبحتِ أجمل أم، يومها ستشعرين حتما أنك كنتي حقا فرحتي التي ليس لها مثيل.
أتذكر حوارا دار بيني وبين أبي عندما كنت طفلا كشف عن مدى حبي للمؤنسات الغاليات، واشتياقي لأن يرزقني الله ابنة كأول فرحة عندما أتزوج، فقد حُرمت نعمتهن كأخوة لمدة تخطت 17 عاما، وهو الفرق العمري بيني وبين أختي الصغيرة "آخر العنقود"، فقلت لأبي – أطال الله في عمره- "نفسي لما أكبر وأتزوج أخلف بنت"، ولم أدرى أن أبواب السماء مفتوحة، فقد كان ورزقني الله بأجمل طفلة في هذه الحياة، فكلما أراها تكبر أمامي وتتغير ملامحها وتتكون فيها صفاتي أشعر وكأنني لدي قطعة مصغرة مني، فلله الشكر والحمد من قَبل ومِن بَعد.
أعترف وبكل جوارحي وعن صدق، أنني فهمت الآن مدى قيمة كلمات أمي وكثيرا من الأمهات الغاليات لأطفالهن: "مش هتعرف قيمتك وغلاوتك عندنا غير لما تكبر وتخلف"، فأنا حقا عرفت قيمتي وغلاوتي عند والديّ، وليس لي إلا أن أحمل نفس الرسالة لأبنتي الغالية، ابنة الجسد وابنة الروح، نبض القلب وبلسم الجروح.