ما أكثر الظواهر الغريبة فى مصر الآن، وكلها ينطبق عليها قول أبى الطيب المتنبى «وكم ذا بمصر من المضحكات، ولكنه ضحك كالبكا».. هذه الكوميديا السوداء تبدأ بمجموعات المحرضين المتواطئين ضد البلد الذى يخوض حربًا شرسة على جبهات كثيرة، سياسية واقتصادية، ولا تنتهى عند الكتائب الإلكترونية لقطيع الإخوان، فاقدى الولاء والعقل والضمير، والمتبارين فى إبداء الولاء للتنظيم الأهوج والجماعة الإرهابية، والتحالف مع كل أعداء البلد.
من هذه الظواهر الفاسدة المفسدة، والبعيدة عن المنطق، انتشار الخطاب العدمى المأساوى، أو العدمى الساخر، أو العدمى الساذج، فى الوقت الذى تحتاج فيه البلاد لكل إرادة وعقل وضمير وروح للنهوض من توابع الفوضى والانفلات، وعقود الفساد والاستبداد، كما تحتاج إلى الانتماء الحقيقى، بما يفرضه من التزام، وبذل للجهد، وابتكار، وحرص على المصلحة العامة.
العدميون الجدد مثل عواجيز الفرح، تجدهم على مواقع التواصل الاجتماعى، أو فى مختلف قطاعات المجتمع، يبادرون بالتعليقات السخيفة والنكات فى كل أزمة، دون أن يخبرونا عما يفعلونه فى الحياة عمومًا، هل يبذلون الجهد الكافى لإنجاز شىء على الصعيد الشخصى أو على الصعيد العام؟ هل يقدمون أى اقتراحات قابلة للتنفيذ بخصوص الأزمات التى ينتقدونها بسخرية ويأس؟
الإجابات فى الغالب الأعم، أن هؤلاء العدميين الجدد لا يبذلون أى جهد فى أى اتجاه، ويكتفون لتحقيق الاتزان النفسى بالغضب الأهوج، والتشاؤم غير المستند إلى حقائق، والمعارضة على سبيل الاحتياط، أما فى لحظات الانتصار وتحقيق الإنجازات العامة، فلا تكاد أن تسمع لهم صوتًا، ويلتزمون الصمت الرهيب المتواطئ.
هل يمكن أن يتبنى المعارضون قبل المؤيدين شعار العمل والإنتاج والابتكار فى المرحلة المقبلة، وأن يحتفظوا بنقاط الاختلاف السياسية للمؤتمرات والمناسبات الفاصلة، مثل انتخابات المحليات المقبلة، حتى يستطيعوا كسب ثقة المواطنين وإقناعهم بأفكارهم وخططهم، وهل يمكن أن نتبنى جميعًا شعار الإنتاج لحماية بلدنا من الضغوط الخارجية، وتقديم التنازلات، والتوقف عن الحنجورية فى الأداء، وأن نفكر فى برامج وأفكار ومخططات بديلة لما نرفضه، أو نعترض عليه فى أداء الحكومة، وأن نوصل ذلك للمسؤولين أو نعلنه فى مؤتمرات عامة؟.. يا رب.. آمين.