أيا كان التصرف النهائى فى قضية اعتداء ضابط قسم مدينة نصر على النائبة «زينب سالم»، وكذلك اعتداء المدير الفنى للنادى المصرى البورسعيدى على رقيب شرطة بمديرية أمن الإسماعيلية، لكن المشهدين يؤكدان حاجتنا إلى إعادة ترتيب أولوياتنا واهتماماتنا.
أقول ذلك بمناسبة إن الحقيقة غالبًا ما تكون حاضرة أمام أعيننا لكننا نحاول الالتفاف حولها، حدث ذلك فى واقعة النائبة زينب سالم، التى كادت تأخذ مسارا آخر لولا التدخل الحكيم من قيادات البرلمان والداخلية، وكذلك واقعة حسام حسن، فالتليفزيونى نقل ما حدث على الهواء دون أى تدخلات، ورأينا كيف استشاط «حسن» غضباً حينما رأى المصور يلتقط له صورا وهو فى خناقة مع أحد لاعبى غزل المحلة، فانطلق خلفه واعتدى عليه، ورغم أن الواقعة كانت واضحة تمام الوضوح، لكن رأينا بعدها من يتفنن فى اختلاق قصص وروايات لا تمت للواقع بصلة، بل إن روابط رياضية بورسعيدية وصل بها الحال إلى تهديد الدولة إذا لم يتم الإفراج عن المدير الفنى للمصرى البورسعيدى، الذى قررت فى حينها النيابة العامة حبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق.
المحصلة أننا أمام واقعتين تلخصان كيف ننظر لدولة القانون، فكثيرًا ما نتحدث ونطالب بتطبيق القانون على الجميع، لكن حينما يقترب منا نكون أول المطالبين باستثناءات، نحبه إذا طبق على غيرنا ونكرهه إذا فرض علينا.. تناقض شديد يسيطر علينا ولا نعرف أى مخرج منه. الأكيد أن المخرج هو احترامنا للقانون، فلا أحد فوق القانون، رئيس الجمهورية وكل المسؤولين والمواطنين، قد تحدث تجاوزات لكن لا يمكن اعتبارها بأى حال من الأحوال مبررًا للخروج على القانون وتجاوزه، وقد رأينا حرص الدولة على تطبيق القانون على الجميع، لا فرق بين وزير وأقل مسؤول، رأينا وزير الزراعة خلف القضبان يحاكم فى قضية رشوة، ومسؤولين كبارا فى الدولة لم تخش الحكومة محاكمتهم، لأنها لا تريد التستر على أحد ولا الإخلال بقواعد الدولة الحديثة، التى نأمل أن نصل لها خلال فترة وجيزة .
رأينا نتائج الحرب على الفساد، التى تقودها الرقابة الإدارية بتفويض ومتابعة من رئيس الجمهورية، والتى نتج عنها الكشف عن مئات القضايا التى أحيلت للقضاء للتصرف فيها، وآخرها على سبيل المثال القضية الكبرى الخاصة بفساد صوامع القمح، وقضايا أخرى كثيرة تؤكد وجود نية حقيقية لتطبيق القانون واحترامه. الهدف الأساسى الذى يجب أن نسعى له جميعاً هو الوصول بمصر لتكون قولاً وفعلا دولة القانون.
دولة القانون تعنى أن الدستور هو الضمانة الأساسية لوجودها، فهو الذى يبين نظام الحكم وتوزيع الاختصاصات بين السلطات، وممارستها كما يحدد حقوق المواطنين وواجباتهم.
دولة القانون تعنى الفصل بين السلطات «التشريعية والتنفيذية والقضائية»، وأن تتمتع كل سلطة بصلاحيات قانونية ودستورية، كما أنه يشكل قيدًا قانونيًا لسلطات الدولة، حيث يبين حدود واختصاص كل سلطة.
دولة القانون تعنى ضمان الحقوق و الحريات الفردية ضد تعسف السلطات العامة، واستقلال القضاء باعتباره أحد أهم المرتكزات الأساسية.
أعلم أن كل ما سبق كلام نظرى مللنا سماعه وتكراره، لكن من المفيد أن نعيده على أنفسنا كثيراً حتى نلتزم به، وحتى لا يتعلل لاعب كرة شهير أو نائب برلمانى أو أو موظف كبير ليبرر مخالفته للقانون بالارتكان إلى وظيفته أو وضعه داخل المجتمع.