عزيزى القارئ هل تعلم أن المسافة بين حلب المدمرة واللاذقية المنعمة، حوالى 100 ميل (ما يقرب من 160 كيلو مترًا).. هذه المسافة هى التى تفصل بين جنة الدنيا ونار البراميل والقنابل العنقودية والفسفورية فى سوريا أمتار ما بين الحرب والدمار والحصار وبين الأمن والانتشار.
ففى حلب براميل متفجرة تتساقط على رءوس المواطنين كل ساعة، وقنابل عنقودية وصواريخ فراغية تتسبب فى مجازر كل يوم، أما فى شواطئ اللاذقية يتمتع مؤيدو طبيب العيون القاتل بشار الأسد، بالمصايف والطبيعة الساحرة واحتساء الحليب الدافئ وتدخين الأركيلة دون أى يشعروا بما يحدث فى بلادهم من قتل وذبح وتفجيرات، دون أن يشعروا بما يعانيه معارضو النظام السورى من الحاصر والتجويع.
تخيل معى.. على البحر المتوسط وفى قلب شاطئ بلدة وادى قنديل شمال مدينة اللاذقية، تجمع مئات الشباب المؤيدين لـ"بشار" للاحتفال بالصيف، ووسط أجواء من البهجة والفرح، تراقصت وتمايلت جميلات الشام وسط حشود الشباب العارى، على جثث الأهالى وأشلاء الوطن.. أما فى حلب خرج الأهالى حاملين ما تبقى من جثث أطفالهم وأشلاء أبنائهم لدفنها فى المقابر الجماعية.
هذه ليست المرة الأولى اتذكر فى حصار مضايا حين كان يأكل الأطفال ورق الأشجار، ويشرب الرضع مياه الأوراق المغلية بدل من الحليب الدافئ، تفاخر أنصار "بشار" بنشر صور وجباتهم وفضلات أكلهم مثل الحيوانات على مواقع التواصل الاجتماعى للشماتة فى أهالى مضايا.. أى وطن هذا الذى أصبح سوريا.
كل يوم مجزرة جديدة فى سوريا، بغارات روسيا الفسفورية وبراميل بشار الأسد المتفجيرة، وقصف لقوات التحالف الدولى وتفجيرات داعش الانتحارية، وقذائف المعارضة العشوائية والشعب هو الخاسر الوحيد لا ينوبه إلا القلق والإدانة الأممية والدعوات للمؤتمرات والمشاورات الدولية بين القوة الغربية.. إلى متى هذا، حتى يقتل الشعب بأكمله؟!.
ما يزيد من 480 ألف قتيل فى سوريا لأن بشار الأسد (الذى ازدادت قوته بمساندة إيران وروسيا وحزب الله والطائفة العلوية) لا يريد الرحيل عن منصب الرئاسة.. أكثر من مليونى جريح لأن الغرب يجرب قدراتها العسكرية وصواريخه الفراغية فى الأراضى السورية... أكثر من 6 ملايين مهاجر ومشتت فى البلاد المجاورة لأن القذائف هدمت منازلهم.
عزيزى العربى النسيج الاجتماعى فى سوريا انتهى مع تكثيف التدخلات الدولية التى تسهم من جانبها فى تعميق حالة الاستقطاب بين السوريين... ليس هذا فحسب بل سوريا بأكملها انتهت.