من خلال دراستنا للتاريخ فى مراحل عمرنا المختلفة وجدنا أن دول كثيرة مرت بأوقات عصيبة إما أثناء أو بعد حروب أهلية أو دولية أو حتى عالمية وأذكر منها ألمانيا واليابان. أيضا وجدنا دولاً كثيرة مرت بثورات كبيرة كالثورة الفرنسية على سبيل المثال .
وأيضاً سمعنا عن دول مرت بكوارث طبيعية من عواصف شديدة وزلازل و براكين وغضب الطبيعة. .اختلفت الأسباب ولكن النتيجة واحدة هى الخراب وعدم الاستقرار والفوضى المؤقتة وغيرها من العوامل التى تحول من دون النهوض بتلك البلاد، ولكن فى معظم هذه الكوارث تحولت هذه البلاد من نموذج الضحية إلى نموذج النجاح والتميز.. فيا ترى من وراء هذا التحول التام هل هو القدر أم إرادة الشعب أم قوة القيادة ووضوح الهدف؟
إذا أردنا التحقق مما حدث فى تلك البلاد فنجد أن كلمة السر هى الشعب وليس أى شىء آخر . الشعب هو من يحدد مصيره فنجد بعد كارثة القنبلة الذرية التى تم إلقاؤها على جزر هيروشيما فى اليابان كان من المتوقع إضعاف أو على الأقل التخلص من اليابان لمدة طويلة من المشهد العالمى، ولكن على عكس المتوقع اليابان أصبحت قوى عظمى و نموذج الحضارة فى آسيا فقط فى أقل من خمسين عاماً .
فالشعب اليابانى مريض بالعمل والإنجاز والإصرار على تحقيق أهدافه ولا يعيش على مبدأ "آه لو لعبت يا زهر".. أنا لا أسخر من أحد أو من أهلى ولكنى حزين أن عددا كبيرا من الشباب الذى اجتمع بهم عند عودتى لوطنى مصر هم شباب قادرون على الإنتاج و العمل و النجاح ولكن ثقافة "آه لو لعبت يا زهر" هى المهيمنة على عقولهم .. من المسئول عن زرع هذه الثقافة فى عقولهم، هل هى الدراما التليفزيونية أم أفلام السينما أم بعض الأمثلة الحية من الواقع لشخصيات نجحت فى الحصول على الكثير من الأموال فى سن صغيرة ووقت ضئيل وبأقل مجهود مما يضع علامات استفهام كثيرة على نجاحهم .
نرى أيضا ألمانيا بعد مرورها بفترات عصيبة جدا بعد الحرب العالمية الثانية وإيمان الشعب بالعمل والحكمة فى الاقتصاد، بالرغم من قوة الدولة الألمانية الاقتصادية غير المسبوقة و غناها إلا أن شعبها لا يزال يعيش ببعض من التقشف والحرص على العمل ودفع الضرائب التى تتحول إلى خدمات للمواطن الألمانى.
فنجد أن ألمانيا هى أقوى دول الاتحاد الأوربى وقد قامت منذ شهور قليلة بإنقاذ اليونان من الهلاك القنصلى المؤكد وعلى الرغم من ذللك نرى أن الشعب اليونانى هو شعب استهلاكى فى القوت الذى يتحتم عليه بالعمل والجهد لإنقاذ بلادهم من الانهيار أما الشعب الألمانى فهو مستمر فى العمل و التقشف حتى فى أقوى وضع له
كما نجد فرنسا التى تحولت إلى أكبر الدول السياحية فى العالم رغم عدم وجود ثلث آثار العالم بها كما الحال بمصر، فقط بالتسويق وخلق حالة من استقطاب السياح عن طريق موضة الملابس والمطاعم والمسارح التى تشتهر بها باريس .
فالعامل المشترك بين كل هذه الدول ليست الحكومات أو الرؤساء أو غيرها بل هو الشعب والقانون .
المواطن هو مكون الشعب والشعب هو من يصنع تاريخه ويحدد مصيره، فعلى كل مواطن الحرص على العمل و الإنتاج وعدم انتظار العون من الحكومة أو الدولة .
أتذكر أحد الدروس فى اللغة العربية كان يذكر أن العمل عبادة، فلابد أن ندرك أن الحل الوحيد ليس هو شعارات دينية أو سياسية أو وطنية فقط بل بالعمل الجاد والمثابرة والتخطيط الجيد ووضوح الهدف والسعى إليه .