ربما يتغافل بعض المواطنين عن دورهم الأساسى فى المجتمع، وربما يتنصل بعض المسؤولين أيضا عن دورهم الأساسى فى المجتمع، لكن أن يصبح التغافل والتنصل سمة سائدة فى المجتمع فهذا يعنى أننا نعيش فى مرحلة تاريخية مبهمة، تؤدى سريعا إلى التفكك والانهيار، فالعقد الاجتماعى الذى أصبح كودا عالميا للصياغة الدول يلزم المواطن بأن يعمل «كمواطن» ويلزم الدولة أن تقوم بدورها كـ«دولة» وببساطة أكبر، ينظم هذا العقد حياة المواطنين فى المحيط المكانى المتعارف عليه كدولة، فيعطى الجهاز الإدارى حق إدارة الموارد الطبيعية وتنظيمها وحق فرض القانون على الجميع، مقابل مهام محددة للمواطن تستلزم أن يقوم المواطن بعمل وأن يدفع ضرائبه لتغذية موارد الدولة، وأن يحترم الدستور والقانون الذى تفرضه الدولة بكل حسم، كل هذا فى ظل مبدأ تكافؤ الفرص التى تتيح للمواطن، أى مواطن، أن يعمل فى الجهاز الإدارى للدولة بناء على كفاءته وليس على واسطته، فالمواطنون أمام «الدولة» سواء.
على هذا فأى تقصير فى أشكال العلاقة بين المواطنين والدولة تتحمله «الدولة» وحدها، لأنها فرطت فى استخدام حقها فى فرض سطوتها، ولعل أكثر أشكال هذا التفريط فظاظة هو ما نراه يوميا بأعيننا من استهانة بحياة المواطنين فى كل مكان، فالقمامة منشرة فى كل مكان، والأبنية المخالفة أضعاف القانونية، وإن ألحقت ابنك بإحدى المدارس الحكومية بنسبة أن يخرج ابنك متعلما تتساوى مع نسبة أن يخرج منها «بلطجيا» ناهيك عن مشاهد أهدار قيم القيم فى شوارعنا ومياديننا، فلا يوجد فى مصر شارع واحد دون تكسير حتى فى أرقى الأحياء، ولا يوجد أية نظام مرورى محترم وإن وجد فستصطدم ببشاعة تخطيط الشوارع التى تفرض تكدس السيارات فى منطقة وانسابيتها فى منطقة أخرى، وهو ما يخلق ما أسميه «الزحام الوهمى» الذى لا تعرف له أسبابا، فتجد نفسك عالقا فى جزء من الشارع وفجأة تجد نفس الشارع مفتوحا أمامك على مصراعيه فلا تعرف لماذا علقت ولماذا مشيت، ثم نأتى بعد كل هذا ونلوم المواطن؟