رغم محاصرته فى خانة صعبة من لعبة الإبداع، وتراجع مبيعاته لدرجة كبيرة، كما تؤكد دور النشر المختلفة، لدرجة أن معظم هذه الدور أصبحت لا توافق على طبعه، ورغم سيطرة الدراما بأشكالها المختلفة، فإن الشعر سيد الكلام مازال قادرا على المقاومة فى هذا الزمان الصعب.
أقول ذلك بمناسبة الصحوة الشعرية فى الأيام السابقة، المتمثلة فى عدد من الفعاليات المتعلقة تمامًا بهذا الفن العظيم أو التى كان هو جزءًا منها وحاضرا فيها بكل جلاله، فقد أقيم منذ أيام مؤتمران لقصيدة النثر فى كل من السويس ودمنهور، وأعلنت قصور الثقافة جوائزها المركزية وفى مقدمتها الشعر، وأعلنت أخبار الأدب جائزتها أيضا وفى مقدمتها القصيد.
سوف تعود للشعر مكانته ودوره فى حال أن نتعامل معه بمنطق أن لا تراجع فيه، ولا استسلام للثقافة العربية، وأنه جزء حقيقى من وجودها الفعلى على هذه الأرض، لذا على الثقافة والمثقفين أن ينتبهوا جيدا ويسعوا لبث روح القوة فى العالم الشعرى، وعلى الشعراء أن يعودوا بالقصيدة من الاختطاف والغرائبية، ولا يسقطون فى الدوائر المركبة للمشاعر والصورة واللغة وفى الوقت نفسه لا يسقطون فى السطحية والتبسيط، فالشعر فن مختلف ليس طلسما ولا حكايات شعبية.
فى الفترة المقبلة ستبدأ كل من الهيئة المصرية العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة رحلة النشر، اعتمادًا على الهيكلة الجديدة التى أقرتها المؤسستان، وللشعر نصيب معقول من الخطة الموضوعة، وفى الحقيقة المؤسستان عليهما تحمل مسؤولية مساعدة الشعر والوقوف بجانبه أكثر من الرواية ، لأن الفن الروائى أصبحت سوقه رائجة ويستطيع أن يحقق نفسه، والعمل الجيد عادة ما يجد مناصرة من الناشرين والقراء والنقاد، أما الشعر فهو فى حاجة لأن يصبح موضوعا مثارا على صفحات المجلات والصحف والبرامج الإذاعية والاحتفاء بالإصدارات الجديدة، لذا على السلاسل المسؤولة عن الشعر أن تعرف أنها أمام الاختبار الأصعب فى عملية النشر، لأن عليهم تحقيق معادلة نشر النصوص الجيدة التى تحقق قبولا معقولا من القراء، وفى الوقت نفسه تحقق قدرا كبيرا من الفن.