التقى الرئيس السيسى يوم الخميس الماضى، البابا تواضروس وبعضا من أساقفة المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، وذلك فى ظل ظروف مشحونة بمناخ طائفى، إثر أحداث طائفية متعددة ومتكررة خاصة فى محافظة المنيا.
فلماذا كان هذا اللقاء؟ وما علاقة البابا والأساقفة بل والكنيسة كمؤسسة روحية بقضية الأحداث الطائفية بل بحقوق الأقباط؟ هل مازال الأقباط يعاملون على أساس أنهم طائفة دينية تمثلهم الكنيسة ويعبر عنها البابا؟ وذلك منذ أن كان التعامل يتم تحت مسمى معاملة الطوائف «رئيس طائفة النجارين - رئيس طائفة الحدادين - شهبندر التجار»، أو مسمى الجوالى «رئيس الجالية البريطانية - الفرنسية - الهولندية»، لذا كان البابا هو رئيس الطائفة القبطية وهناك رئيس الطائفة الكاثوليكية.. إلخ، حتى بعد عهد محمد على الذى وظف واستفاد من الأقباط ككتبة وصيارف فى جمع الضرائب، وحتى بعد وصول بعض الأقباط «مأمير مراكز»، وحصول أصحاب الحظوة منهم على لقب البكاوية ظل الوضع الطائفى كما هو.
نعم لا شك أن هذا النظام وتلك الممارسات المتراكمة عبر هذه القرون قد شكلت الضمير الجمعى المصرى، إلى جانب العادات والتقاليد والثقافة التى ترتبت على ذلك ومازالت، حتى أننا نجد أن غالبية الأقباط أنفسهم يهاجرون إلى الكنيسة كمجتمع بديل للمجتمع، وأيضاً يستملحون ويفتخرون بأن يكون البابا ممثلاً لهم وتجربة «السادات - شنودة»، خير شاهد.
فهل مازلنا نعيش ذلك العصر؟ لاشك أن العالم قد تجاوز هذا والشعب المصرى قد خرج عن الطوق وظهر الآن ما يسمى بحقوق الإنسان وحقوق المواطنة وقمنا بهبات غير مسبوقة «25/30»، وغيرنا حكومات ورؤساء ولدينا دستور يؤكد المساواة والحقوق مثال المادة 53 ويؤكد حرية العقيدة مادة 64 ويعلن أن مصر دولة مدنية ديموقراطية حديثة، كما أننا نعلم أن الرئيس يعلم ذلك بل يؤكد على ذلك ويتعامل على أرضية مصرية ولا فرق ولا حساب بغير القانون.
ولكن أيضاً فإن لقاء الرئيس بالبابا لا يتوافق مع ذلك، ولكنه يعود بنا إلى عهد تعتبر فيه الكنيسة والبابا هما المعبران عن الطائفة، نعم نثمن والتاريخ سيذكر قرار السيسى بضرب داعش فى ليبيا عند قتل الشهداء الأقباط، ولكننا نتحفظ على ذهاب السيسى للكنيسة لتقديم العزاء للبابا فالعزاء فى أى مصرى هو لرئيس الدولة.
وعلى ذلك نقول إن البابا هو الأب الروحى «وليس الرئيس» للأقباط، ولا يجب أن يتجاوز دوره غير الدور الروحى، الأقباط مواطنون مصريون عليهم ما على المسلمين ولهم ما للمسلمين. المصريون جميعاً هم مواطنون فى الدولة ورئيس الدولة هو المسؤول سياسياً ودستورياً عنهم، وما علاقة البابا دستورياً بالأقباط فى غير الدور الروحى؟ وهل شيخ الأزهر مسؤول عن المسلمين؟ وإذا كان البابا يدافع عن الأقباط ويطالب بحقوقهم فمن الذى يدافع عن المسلم الضعيف الفقير؟ وما الآثار السلبية لدى المسلم لهذه اللقاءات؟.
وهل تحل مشاكل الأقباط بالقانون فقط؟ وهل ستحل مشاكل بناء الكنائس بالقانون فقط أيضاً؟.
لتحل المشاكل وتعود الحقوق بالطبع لابد من تفعيل القانون فى كل الأحوال، ولكنها لا تحل بغير كل المصريين ولا حل لمشاكل الأقباط بعيداً وبغير المسلمين، ولذلك فهذه اللقاءات وتلك الممارسات تكرس المناخ الطائفى ولا تحل المشكلة من جذورها.
الدولة والمؤسسات والوزارات والأحزاب والعمل الأهلى والفكر الدينى الجميع مسؤولين عن الحل فهو تراكمى ولن يكون فى لمح البصر ولكن المهم هو البداية الصحيحة، فليلتق الرئيس بكل المصريين الذين لديهم الفكر والعمل لحل هذه المشاكل ولتقدم مصر حتى تكون وطناً لكل المصريين.