مرات كثيرة تحدثنا وغيرنا عن عالم التواصل الاجتماعى، وأنها أدوات محايدة تعرض ما يضعه المستخدمون.. مثلا خلال الأسبوع الماضى نظم عدد من المستخدمين حملة على تويتر وفيس بوك لإنقاذ مريض بالهيموفيليا يحتاج إلى حقن مهمة ومرتفعة الثمن لإجراء عملية تنقذ حياته، ونجحت الحملة فى إعلام عدد كبير من الأفراد والصيادلة، وقدم كل منهم ما يستطيع، وتم توفير عدد من الحقن، وصدر قرار لعلاج المريض.
مثل هذه الحملة كانت هناك حملات للتبرع بالدم لحالات أو تقديم مساعدة لمريض أو محتاج. وهناك مقالات وبوستات إنسانية أو خواطر مفيدة.. وهى حالات تمارس الحياة الطبيعية، تمنح أملا أو تطرح رأيا.. والحياة ليست أبيض فقط ولا أسود فقط، لكنها تفاصيل وعلاقات وتعبيرات.
هناك نوع آخر من المستخدمين يرى فيس بوك وتويتر وغيرها حوائط غرفته الشخصية، إذا أكل أو شرب أو ارتدى ملابس جديدة، سعيد أو حزين يصلى أو يتفسح، فهو يضع كل هذا فى فاترينته، وهو حق له طبعًا، طالما يضع هذا على صفحته الشخصية، لكن البعض يصر على مشاركة الآخرين، ويضعهم معه ليعرفوا تحركاته وسكناته وألوان ملابسه، ومشاعره تجاه الآخرين.. فيصبح أداة إزعاج عندما «يطرطش» على صفحات الآخرين.
أيضا هناك خبراء كل شىء و«عمقاء الأعماق» ممن يرون أنفسهم فاهمين فى كل شىء، يفتون فى كافة الأمور بكفاءة منقطعة النظير، بينما مصادرهم بوستات أو ترجمات كتبها آخرون.. وغالبا يكون مصدرهم مفردا، أو معلوماتهم سماعى من دون مراجعة أو تساؤلات.
وفى كل الأحوال فإن مواقع التواصل ليست مكانًا للحوارات الجادة، خاصة بين أصحاب الآراء المسبقة ممن يتحدثون فى السياسة، بينما هم يكرهون السياسة والسياسيين، ويعبرون عن حالة غضب ورفض واتهامات جاهزة.. وتعليقات معلبة مع ماتيسر من شعارات ومقولات قديمة رنانة على طريقة» من أجمل ماقرأت.. مختارات العظماء». وتتلبس بعضهم حالة من اليقين، بلا استعداد لتفهم أو تقبل الآخرين.. يتحدثون عن الحوار وهم يقصدون قبول آرائهم أو شعاراتهم.. فرق من المعزولين.. وكل منهم يحب حالته وآراءه، وهو حق لكل واحد، أن «ينام على البوست اللى يريحه» ينشر صوره أو غسيله.