منذ أكثر ما يقرب من 20 عاما سألت نفسى هذا السؤال الذى لم أعرف له إجابة إلا من خلال حديثى مع الفنان المصرى العالمى «أحمد مصطفى»، عالم الخط ومبتكر نظرية «الخط الكونى» التى أدهشت العالم أجمع إلا مصر!
سألت نفسى منذ أن التحقت بكلية الآثار، قسم الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة: لماذا اندثر الفن الإسلامى وتلاشى من حياتنا بينما لم يندثر المسلمون؟
الأمر مختلف فى حالة الفن الفرعونى أو الفن المصرى القديم الذى اندثر باندثار العصور القديمة، وهو الأمر الذى يختلف تمام الاختلاف عن الفن الإسلامى، فمازلنا ندين بالإسلام، ونتكلم لغة الإسلام، فما الذى جعل الفن الإسلامى موشكًا على الانقراض؟
السر يحمله لنا العالم المصرى المقيم بلندن «أحمد مصطفى» الذى تحمل خرائط حرب أكتوبر المجيدة بصمته وريشته، فى مكالمة تليفونية طويلة أجريتها معه أمس الأول شرح لى الفرق بين مهنة «الخط» وعلم «الخط»، فقال لى إن معظم المشتغلين بهذه المهنة يقلدون ما هو موجود دون محاولة لاستكشاف أسرار الموجود، ولهذا أصبح الخطاطون جيلا بعد جيل، مقلدين لمن سبقهم دون إضافة أو استبيان أو تبحر فى أسرار العلم وهندسته، ولهذا جفت منابع الإبداع مع كثرة التقليد، واندثرت روح الكلمة بعد أن تعرضت للابتذال، وشيئا فشيئا تعرضت الحضارة الإسلامية كلها للانقراض، لأن سر الحرف صار مغلقا، وتحول الخط العربى الذى يعد من أكثر ما يميز الحرف العربى إلى صنعة بعد أن كان «رسالة».
تفاصيل عديدة وأسرار عميقة، أفنى «أحمد مصطفى» عمره وهو يكشف مكنونها، وبعد ما يقرب من 45 عاما أصبح الرجل مدرسة فنية مكتملة بذاتها، ولهذا أرجو من وزارة الثقافة بقيادة الكاتب الكبير حلمى النمنم، أن تعتنى بهذا الرجل الرائد فى مجاله، بأن ننشئ أكاديمية فنية متخصصة يخرج فيها أحمد مصطفى تلاميذ جددا لهذه المدرسة السامقة، وأن ننشئ متحفا لهذا الرجل الذى يحتفى به العالم فى كل مكان ونجهله هنا فى مصر «أم الدينا».