تتشابه الدولة مع الجسد الإنسانى فى العديد من الصفات، فلكل منهما رأس، وموارد، وأعضاء، ووحدات مكافحة، وأساليب حماية، وقابلية للأمراض أيضا، وقد يكون من النافع للجسد الإنسانى أن يقوى مناعته ويدعم لياقته بتنوع الأطعمة، وممارسة الرياضة، وابتاع الأساليب الصحية فى الممارسات الحياتية، لكن إذا ما مرض هذا الجسد، فمن العبث أن ننصح المريض بأن يمارس الرياضة مثلا ليتغلب على أمراضه، ومن التفاهة أن ندعى أن الأكل الصحى وحده كفيل بأن يقضى على المرض، فلا بد فى الكثير من الأحيان أن يخضع الإنسان للعلاج بالأدوية المختلفة، وقد تكون الحالة مستعصية على الدواء، فيضطر الواحد إلى اللجوء إلى الجراحة، وهو الأمر الذى يحدث الآن فى مصر التى تخضع منذ سنوات لعملية جراحية مفتوحة لتستأصل الإرهاب من داخلها بعد أن تمدد كورم سرطانى خبيث.
لا الرياضة عيب، ولا الثقافة والتعليم سبة، لكن العيب أن نقول للمريض طريح الفراش قم ومارس الرياضة الآن، والسبة الحقيقية أن يدعى البعض، فى هذا التوقيت الحرج من عمر المنطقة العربية، أن الثقافة وحدها هى الكفيلة بالقضاء على الإرهاب، وما مهاجمة تزويد الجيش المصرى بالسلاح الحديث، تحت زعم عدم حاجتنا للسلاح فى الحرب على الإرهاب التى يتبناها البعض الآن، إلا نتاج سوء فهم وسوء تقدير أو سوء نية وسوء غرض، إلا إذا كان المقصود من التعليم هو تعليم الرماية وتكنيكات الحرب، وقواعد الكر والفر، وأصول المداهمة والمباغتة، والانتشار والإجهاز على العدو.
ليت الدكتور عصام حجى، الذى ادعى هذا الادعاء، ينظر إلى البلد التى يقيم فيها ليخبرنا ما هو ترتيب احتياجات الجيش فى ميزانية الدولة، وليقل لنا أيضا كيف تخدم كل المؤسسات البحثية الأمريكية، ومن ضمنها «ناسا»، التى يعمل بها الجيش الأمريكى، وتمده بالمعلومات والتقنيات وأحدث أساليب الرصد والتتبع والاستخبار، وليته أيضا يقرأ شيئا من كتب التاريخ، التى يدعى العلم بها، ليعرف أن مصر حينما حاربت المغول أوقفت كل مواردها على احتياجات الجيش، بل إن السلطان العظيم «سيف الدين قظر» لم يبن له مسجدا ولا سبيلا ولا خانقاه على خلاف العادة المملوكية، ليقينه بأن ما يحتاجه الجيش يحرم على الجامع، لأنه بدون جيش لن يكون هناك جوامع ولا بيوت ولا دولة.