أعتبر نفسى من أشد المؤيدين للسياحة الداخلية، باعتبارها أحد الشرايين المهمة لدعم قطاع السياحة المصرى الذى يعانى من أزمة طيلة الأعوام الخمسة الماضية، وحينما كنت أذهب إلى مدينة شرم الشيخ فأول شىء كان يطرأ على ذهنى هو، لماذا نحرم المصريين من الاستمتاع بريفيرا البحر الأحمر، أجمل مدينة على سواحل البحر الأحمر، فالمدينة كانت شبه مغلقة على السياحة غير المصرية، إلا قليلًا جدًا من السياحة المصرية القادرة على الإنفاق والتأقلم مع أجواء هذه المدينة الساحرة.
حينما زرت شرم الشيخ قبل عام تقريبًا حزنت لأمرين، الأول هو غياب الروح التى كانت تتميز بها شرم الشيخ، وهو أمر مرتبط بالأساس بغياب السياحة الأجنبية، فظهرت المدينة أمام عينى كالمهجورة، إلا من عدد ليس بقليل من الأسر المصرية التى ربما تزور شرم للمرة الأولى فى حياتها، وهنا ظهر السبب الثانى لحزنى، فالمدينة تحولت على يد الكثير من هذه الأسر إلى فوضى امتدت لكل شىء فى المدينة، من فنادق وشواطئ وكل وسائل الترفيه، فالمدينة الممتعة لم تعد كذلك.
لكن تشجيعى لهذا النوع من السياحة لا يعنى أبدًا ترك الحبل على الغارب، أو بمعنى أصح أن نترك بعض الأسر لتحول المدن السياحية والساحلية إلى مرتع للسلوكيات السلبية التى يجب أن يكون لها وجود فى أى مكان، وقد رأينا على مدى الأيام الماضية صورًا وقصصًا على مواقع التواصل الاجتماعى اجتمعت كلها على أمر واحد، هو أن الفوضى والسلوكيات السلبية هى العنوان الرئيسى لشرم الشيخ، بعدما كانت مدينة الجمال.
ما رأيته بعينى، وأتابعه يوميًا على السوشيال ميديا يدفعنى للتحذير من استمرار هذه السلوكيات حتى نحافظ على السياحة فى مصر، خاصة بعدما وصلت هذه الصور والسلوكيات للخارج، وأصبح لها تأثير سلبى، فأصدقاء عرب غيروا وجهتهم السياحية، وعادوا لتركيا بعدما اختاروا مصر، لكنهم غيروا الوجهة حينما رأوا الصور الغريبة للسلوكيات التى تحدث فى شرم الشيخ، وبدأت تظهر فى الغردقة.
بالتأكيد فإن وزارة السياحة والشركات السياحية مسؤولة عن معالجة السلوكيات السلبية للمصطافين داخل الفنادق، والمنتجعات السياحية بمدينة شرم الشيخ، فهم مطالبون بدعم الحملات التى تم إطلاقها على مواقع التواصل الاجتماعى، ومنها على سبيل المثال حملة «بطلهم واستمتع بفلوسك» التى رفعت شعارات مهمة وذات معنى، منها «ممكن تلبس شورت البحر أو مايوه.. بلاش الملابس الداخلية»، و«ما تنشرش هدومك فى بلكونة الغرفة».
السلوكيات السلبية سيطرت على كل تصرفاتنا، ولم نعد نفرق بين الحرية الشخصية واحترام حقوق الآخرين وحرياتهم، كما انعدم لدى بعضنا إدراك قيمة الأماكن، خاصة السياحية والتاريخية، فأصبحنا نتعامل معها على أنها مرتع خاص نلهو فيه وبه بالطريقة التى تحلو لنا، لا بالشكل الذى يتناسب مع قيمة هذه الأماكن، فوصلنا إلى سلوكيات نرفضها جميعًا، لأنها تشوه الذوق العام، كما تشوه صورة مصر داخليًا وخارجيًا. الأمر بالنسبة لى جد خطير، ويجب وضعه فى حجمه الحقيقى، فمن الممكن أن نضحك على صورة لرجل يرتدى شورتًا وحذاء وقميصًا، أطلقوا عليه وصف «مدير البحر»، لكن ضحكنا على هذه الصورة أو غيرها يجب ألا يلهينا عن الواقع المأساوى الذى يحتاج لتدخل سريع، لشرح السلوكيات القويمة فى هذه الأماكن، وأن تنشط وزارة السياحة والفنادق وكل المسؤولين لضبط هذه السلوكيات حتى لا تتحول إلى صورة عامة لمصر.