قبل أن تبدأ أوليمبياد ريو دى جانيرو، نادرًا ما كنت تجد أحدًا فى مصر يعرف اسم أبطالنا الثلاثة الذين رفعوا اسم مصر بثلاث برونزيات، وحفظوا ماء وجه البعثة المصرية التى كادت أن تخرج خالية الوفاض لولا أن أنعم الله علينا بالأبطال الثلاثة، بطلة التايكوندو هادية ملاك، والرباعة القوية سارة سمير، والرباع الشاب إيهاب محمد.
الآن أغلب إن لم يكن كل الشعب المصرى يعرف الأبطال الثلاثة، بل أن هناك أسر كانت تجلس أمام شاشات التليفزيون حتى الساعات الأولى من الصباح ليتابعوا ويشجعوا أبطالنا فى الأوليمبياد، رغم أن غالبية المصريين لا يشجعون الألعاب الفردية، وكل تركيزهم على كرة القدم، وربما بعض الشىء كرة اليد، لأنها حققت فى الماضى بطولات أجبرت الشباب على متابعتها، والتعلق بأسماء لاعبين كبار مثل أحمد الأحمر، ومن قبله الجيل الذهبى الذى ضم جوهر نبيل وحمادة النقيب وحمادة الروبى وأيمن صلاح وأشرف عواض.
بالتأكيد المشاركة فى الأوليمبياد أعطت دافعًا قويًا للمصريين كى يسهروا أمام شاشات التليفزيون ليتابعوا أبطالنا، على أمل أن يصعدوا إلى منصات التتويج، ويرفرف علم مصر فى البرازيل، كما فعل أبطالنا فى أثينا وبكين ولندن، حتى من لم يوفق فى المنافسات، ظل المصريون متعلقين بهم، ورأيت بنفسى كيف تعلق المصريون ببطلة المصارعة الحرة إيناس خورشيد، والملاكم القوى حسام بكر، رغم أنهما خرجا من المنافسات فى دور الثمانية، لكن أداءهم أجبرنا على احترامهم.
من مزايا الأوليمبياد وإذاعتها أنها ربطت المصريين وأنا منهم بالألعاب الفردية وبنجومها، وتراجع اهتمامنا بكرة القدم، رغم أن الأوليمبياد تزامنت مع أسبوع كروى ساخن شهد انتكاسة قوية لفريق النادى الأهلى الذى خسر نهائى كأس مصر أمام غريمه التقليدى الزمالك، كما ودع بطولة أبطال أفريقيا، لكن مع ذلك لم يفكر أحد فى تجاهل الأوليمبياد ومتابعة مباريات أبطالنا التى كانت على رأس أولويات الكثيرين، ممن كانوا يرتبون مواعيدهم وارتباطاتهم وفقًا لمواعيد مباريات ومنافسات أبطالنا فى ريو 2016.
فوز ثلاثة أبطال بميدالية برونزية فى ريو 2016 تأكيد على أن مصر تمتلك المواهب القادرة على تمثيل الدول خارجيًا، لكن ينقصنا الاهتمام بالألعاب الفردية ونجومها، لذلك من الأفضل أن تتبنى الدولة عبر التليفزيون الرسمى والقنوات الفضائية سياسة جديدة فى إذاعة كل المنافسات الدولية للألعاب الفردية التى يشارك فيها أبطالنا، سواء كانت هذه المنافسات دولية أو أفريقية أو إقليمية، لأن هذه السياسة ستحقق لنا أكثر من هدف، أهمها أنها سترفع من الروح المعنوية لأبطالنا، الذين يشعرون بظلم كبير وحقيقى نتيجة التجاهل التام لهم، مقابل الاهتمام المبالغ فيه بلاعبى كرة القدم، وأن الكرة لم تحقق لمصر أى نتيجة إيجابية منذ 2010 وحتى الآن، مقابل ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية حققها أبطالنا فى الألعاب الفردية خلال السنوات الست الماضية.
الهدف الآخر، أنها ستغذى الرغبة لدى أطفالنا فى أن يمارسوا هذه الألعاب، ليكونوا مثل الأبطال الذين يشاهدونهم على منصات التتويج، فبدلًا من أن نترك أطفالنا وشبابنا عرضة لاختيار قيادات تضلل الطريق لهم، علينا أن نساعدهم فى اختيار القدوة الرياضية الحسنة، ولن نجد أفضل من أبطالنا الأوليمبيين وأبطال العالم فى التايكوندو والملاكمة والسباحة والمصارعة وسلاح الشيش وغيرهم ممن يواصلون التألق بعيدًا عن الأضواء، وكأنهم منسيون فى عالم مغرم فقط بالنماذج السيئة التى نضعها أمام أبنائنا ليختاروهم قدوة لهم، مثل شخصية الأسطورة وغيرها من الشخصيات الوهمية التى تساهم فى تدمير عقلية شبابنا.