للسياسة ضرورات، تفرض على من يخوضون فيها، قبول أشياء لا تقبلها عقولهم وقلوبهم، وأشرنا إلى كون الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون، الذى كان أحد أكثر رؤساء أمريكا شعبية، لكنه واجه فضيحة كادت تطيح بتاريخه، وخرج منها، بجروح، لكنه واصل حياته، وبينما كانت هيلارى كلينتون السيدة الأولى، ولم تكن فى الظل تماما أثناء رئاسته، يعود هو إلى الظل، وتظهر هيلارى تحت الأضواء، حال فوزها على منافسها الجمهورى دونالد ترامب، ووصولها إلى البيت الأبيض ضمن ضرورات السياسة، وحلاوتها ومفارقاتها.
ومن المفارقات أن بيل كلينتون أضطر قبل ثمانى سنوات لخوض حرب دعائية ضد باراك أوباما المنافس الأقوى لزوجته هيلارى فى الحزب الديمقراطى، وما أن أسفرت المنافسة عن فوز أوباما، حتى أعلن كلينتون دعمه عام 2008، ومعه هيلارى التى حصلت على وزارة الخارجية مع أوباما، وكان مشروع قانون إصلاح نظام الرعاية الصحية أحد أكبر مشروعات كلينتون، ويسمح بإدخال ملايين الأمريكيين من الأقل دخلا إلى التأمين الصحى، وعرف باسم «كلينتون كير»، وفشل فى تمريره أمام الكونجرس بأغلبيته الجمهورية عام 1994، فى واحدة من أكبر أزماته. والمفارقة أن باراك أوباما بعد عشر سنوات تقريبا قدم مشروع كلينتون ونجح فى تمريره من الكونجرس باسم «أوباما كير».
أما الأزمة الأقوى فى مواجهة كلينتون كانت كشف علاقته بمونيكا لوينسكى، واتهامه بالكذب تحت القسم عندما أنكر علاقته بها، نجا كلينتون لكن سيرته أصابها غبار الأزمة، يومها تسربت تقارير فى الصحافة الأمريكية حول توتر علاقته بالسيدة الأولى هيلارى وعدوانيتها تجاهه، وما أطلقت عليه الصحافة وقتها «حفلات الصراخ والقذف بالأوانى». وهو ما يصفه روبرت ماكنيلى أحد أشهر المصورين الرسميين فى البيت الأبيض، فى حلقات كتابه المصور.
يقول ماكنيلى إنه أثناء أزمة مونيكا تم منعه من التصوير، لكن السرية والكتمان، لم تمنع تسرب تفاصيل غضب هيلارى، وتخليها عن حالة الكتمان التى ميزتها، كانت تخشى أن تخرج العائلة من عالم الأضواء. وقبلت مساندة زوجها، لأسباب عائلية وسياسية فى نفس الوقت، وعادت بعد سنوات تستعد لدخول البيت الأبيض بمساندة زوجها بيل كلينتون وباراك أوباما خصمها السابق، ضمن ضرورات تفرضها طموحات ومصالح السياسة، التى تقبل ما لا يلزم قبوله فى الواقع.