تتضح الأشياء إذا تم وضعها فى مقارنة، لأننا حينها ندرك تماما الحد الفارق بين الصواب والخطأ، فى الأيام القليلة السابقة كنا على موعد مع حادثين فارقين ومهمين الأول قام به بعض مشجعى فريق سيلتك الأسكتلندى، والثانى قام به الفنان العربى صابر الرباعى، والموقفان يتعلقان بإسرائيل.
«حين يكون هناك ممثل عن مؤسسات دولة إسرائيل فمع الأسف لم يعد الأمر لعبة، فكرة القدم والاتحاد الأوروبى لكرة القدم وفريق سيلتك لكرة القدم يتم استخدامهم لتحسين صورة إسرائيل وإعطاء هذه الدولة المجرمة القبول الذى لا يجب أن تتمتع به حتى تتخلص من حصانتها، وتنصاع للقانون الدولى، وتواجه عقوباتها حسب قرارات الأمم المتحدة التى خرقتها» لم يكن ذلك مقدمة مقالة يكتبها عربى يحاول أن يهاجم الوجود الإسرائيلى المتزايد فى أوروبا، لكن ذلك كان بيانا نشره مجموعة من مشجعى فريق سيلتك المتعاطفين مع القضية الفلسطينية قبل المباراة التى جمعت الفريق الأسكتلندى مع فريق إسرائيلى، ضمن التصفيات التمهيدية لدورى الأبطال الأوروبى لكرة القدم.
هؤلاء الأسكتلنديون الذين رفضوا الانصياع لحظر الاتحاد الأوروبى لكرة القدم وتظاهروا ضد سياسات إسرائيل، فعلوا ذلك دون ضغط فعلوه وهم مستعدون تماما لعقوبات الاتحاد الأوروبى ضد ناديهم ولم يشغلوا بالهمم بكون فريقهم سيلاعب الفريق الإسرائيلى بعد أسبوع.
أما الفنان الكبير صابر الرباعى فقد كان فى طريقه إلى رام الله لإقامة حفل غنائى، لكنه لم يخجل أن يلتقط صورة مع أحد الضباط الصهاينة الذين سمحوا له بالعبور إلى رام الله، ولا أعرف حقيقة كيف فكر «الفنان» حينها، وكيف رأى نفسه وهو ذاهب يغنى للفلسطينين ويتحدث معهم عن عروبة الأرض وحقوقهم الضائعة، بينما كانت صورته مع جندى الاحتلال تملأ مواقع التواصل الاجتماعى.
هذه هى المعضلة فى عالمنا العربى، وهى أننا لا نقيم وزنا للتفاصيل الصغيرة، بالطبع ظن صابر الرباعى أن إسرائيل لن تنشر هذه الصورة وأن الضابط سيحتفظ بها سرا من أسراره الكثيرة الممتلئة بالدم والعنف، لكن إسرائيل تعرف كيف «تنكد» علينا، فنشروا هذه الصورة المحبطة التى حتما ستجعل صابر الرباعى يخسر كثيرا فى الفترة القادمة.
للأسف يبدو أن النخبة لا تعرف ما الذى تريده، وعن نفسى لا أفهم ما الذى كان يتوقعه صابر الرباعى جراء هذا التصرف، نحن لا نسامح فى العلاقات مع جيش الاحتلال، وعلى الجميع أن يعرفوا أن إسرائيل هى العدو للعرب مهما حاولت الحكومات أن تفعل عكس ذلك، لذا نقول شكرا لـ«سيلتك الأسكتلندى» ونقول «لا» لصابر الرباعى.