نعم نعرف جيدًا أن لدينا جهازًا قوميًا، دوره هو المحافظة على تراث مصر، وما أكثره، لكننا فى معظم الأحيان لا نشعر به، فتقريبًا لا يمر يوم إلا ونصحو على كارثة جديدة، تتمثل فى تشويه تمثال أو هدم مبنى أثرى أو تخريبه على أقل تقدير، فالكوارث الفنية فى شوارع مصر وفى مبانيها الأثرية أصبحت طقسًا دائمًا لكل من يريد أن يصيبنا بالكآبة والإحباط، ويجعلنا نشعر بتضاؤلنا وقلة حيلتنا فى مواجهة هذا التدنى الجمالى، وللأسف فإن الجهاز القومى للتنسيق الحضارى حاضر غائب، أو معنا فى موقف المتفرج.
بالطبع عند حدوث أى كارثة فنية نسارع لنعرف من المسؤول عن هذا المبنى، وغالبًا ما تكون المبانى المعرضة للتخريب والهدم داخلة فى إطار الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، لأنها غالبًا فيلات أو مبانٍ ذات شكل تراثى مميز ولها خصوصية، لكن تصيبنا الدهشة من الأداء الضعيف للجهاز فى حماية هذه المبانى.
نذكر أنه منذ أشهر قليلة هللنا بسبب حصول «التنسيق الحضارى» على حق الضبطية القضائية، وأصبح من حقه أن يشكو المخالفين وغير الملتزمين، وتوقعنا أن تكون هناك نقلة نوعية فى الأداء بعد ذلك، لكننا لم نشعر بأى أثر على أرض الواقع، رغم تصريح المسؤولين بأنهم قاموا بـ20 محضرًا حتى الآن، لكن التخريب فى المبانى ما زال قائمًا.
طبعًا ورثة المبانى التراثية يسعون بكل طريقة لهدمها، وإنشاء مبانٍ جديدة وعمارات سكنية تدر عليهم الملايين، ونحن لا نستطيع أن نحدثهم عن الجمال الفنى والدور الحضارى وغير ذلك، لكن نستطيع أن نجبرهم على ذلك بالاستعانة بالسلطات التنفيذية فى مصر، لأن هذه المبانى التراثية ليست ملكهم على المستوى العام.
وفى هذا المجال هناك أشياء تحدث غير مفهومة، منها أن هناك بعض المبانى تكون ضمن جهاز التنسيق الحضارى، ثم تخرج منه، وبعد ذلك يتم هدمها، فما الذى يعنيه أن يخرج المبنى من الجهاز؟، ولماذا لا يتم ترميمه لو حدث به وهن أو أصابه الضعف، لا أن يتم التخلى عنه بهذه السهولة؟، خاصة أن أصحاب المبنى غالبًا هم من يسعون لتخريبه حتى يخرجه الجهاز من مقتنياته، فكيف نساعدهم فى ذلك الأمر؟!، وكان الواجب وضع خطة لتطوير المبنى التراثى وترميمه، ثم الاستفادة منه فى الأنشطة الثقافية والفنية، وألا يترك وكرًا للمخدرات والبلطجية والخفافيش كما يحدث فى معظم مبانى مصر.
لذا على جهاز التنسيق الحضارى أن يقدم لنا خطة واضحة، تبدأ من الحصر الدقيق لما يقع تحت يده، وتنتهى باستراتيجية الاستفادة من العدد الكبير لهذه المبانى فى محافظات مصر المختلفة.