الحرب لن تتوقف حتى تنهض مصر اقتصاديا، وتقف على أرض صلبة وبأقدام ثابتة، وبإرادة حرة وقرار مستقل، مصر اعتادت طوال الوقت على مثل هذه النوعية من الحروب القذرة، خاصة فى لحظات الصراع مع الاستعمار القديم ولحظات البناء والتعمير والنهوض.
فى كل الحروب التى حاول فيها الأعداء حصار مصر وتركعيها، خرجت منها منتصرة، رافعة الرأس بإرادة شعبها وقوته وصلابته وتوحده ووقوفه خلف قيادته وزعامته، تذكروا منذ قيام ثورة 23 يوليو 52 ومرحلة بناء السد العالى، وتأميم قناة السويس، وبداية النهضة المصرية الثانية فى عهد ناصر، ماذا فعل الأعداء والمتآمرون لتركيع مصر، وماذا فعل الشعب المصرى وقيادته للمواجهة؟ كيف توحد الشعب وتخلى عن بعض ضروراته الحياتية لمواجهة الحصار الاقتصادى الأمريكى، ووقف ناصر يطالب الشعب بشد الحزام، وتقليص استخدام «السكر» الذى كنا نستورده من واشنطن للتخلص من وارداته، التى كانت أمريكا تضغط به على مصر بقيمة 150 مليون جنيه أى حوالى 300 مليون دولار وقتها. انتصر الشعب فى المواجهة.
مصر تعيش بدايات النهضة الثالثة الآن بمشروعات قومية عملاقة، وبإعادة البناء والتنمية وباستغلال مواردها وطاقاتها، ولذلك تواجه هذه الحرب القذرة من أعداء الخارج وخونة الداخل، وبنفس الأدوات القديمة فى محاولة الخنق الاقتصادى، واستغلال أزمات العملة الصعبة والدولار والسياحة، وتوظيف سلاح الشائعات والدعاية السوداء.
هنا لا بد من استحضار روح التحدى والانتصار والثقة فى النفس لمواجهة الحرب الشرسة، والبداية من توضيح الحقائق كاملة للرأى العام فى الداخل، والرد على كل الأسئلة الحائرة حول الوضع الاقتصادى، ثم توظيف القدرات البشرية الرسمية والشعبية فى الخارج من المصريين العاملين فى الدول، التى تقود حرب الشائعات ضد مصر، وبأفكار تسويقية ودعائية وترويجية غير تقليدية.
لدينا جمعيات وتنظيمات وأندية للمصريين بالخارج لديها من القدرات والكفاءات الكثير للترويج لمصر، لكنها تفتقد لغة التواصل والتنسيق من السفارات والقنصليات المصرية بالخارج، لدينا «أصدقاء مصر» فى الدول العربية والأجنبية، وهؤلاء قوة ناعمة لا يستهان بها فى الترويج والدفاع عن مصر فى دولها، ولكن فى حاجة لكيفية التواصل الذكى معها من الداخل والخارج.
لن تستمر الحرب طويلا، إذا وجد العدو أن مصر تواجه بصلابة وقوة، وماضية فى طريقها وأن النصر حليفها، اقرأوا التاريخ جيدا واستوعبوا دروسه وتفاءلوا بالنصر.