قبل الهنا بسنة أصبح ترشيح الرئيس عبدالفتاح السيسى لفترة رئاسة ثانية موضوع الساعة، وكأن الانتخابات بعد شهور قليلة، واعتمدت الاستفتاءات على عالم فيس بوك الافتراضى، فجاءت النتائج افتراضية، لا تعتمد على أسس علمية أو مدروسة، وإنما حسب أهواء أصحاب الصفحات، وجمهورهم المتحفز فى فضاء وهمى، يتحكم فيه أسماء معظمها غير حقيقية، قد ينتحل رجل اسم امرأة، وقد تستعمل امرأة صورة رجل، والأصدقاء فى مجتمع فيس بوك، قد لا يعرف بعضهم بعضا، والعلاقات التى تقوم بينهم هلامية غير حقيقية وغير ثابتة حتى الذين يعرفون بعضهم، لا يشكلون إلا نسبة ضئيلة، تتوه فى زحام الأصدقاء الوهميين.
قبل الهنا بسنة لأن الرئيس قبل أن يترشح، سيكون له برنامج انتخابى فى نهاية مدته الأولى، بمثابة كشف حساب حول الإنجازات التى تمت على أرض الواقع، وهو الآن يخوض معركة تنمية شاملة وحربا ضارية ضد الإرهاب، وسوف تظهر نتائجها قبل نهاية الفترة الأولى، فالغاضبون الآن «فى العالم الواقعى» من ظروف حياتية صعبة، ستتغير آراؤهم عندما يلمسون بأنفسهم نتائج الإصلاحات، وانفراح الأزمات وصدق الوعود والتعهدات، وسيخرجون إلى اللجان الانتخابية للإدلاء بأصواتهم، أما رواد «العالم الافتراضى» فلن يتغيروا، وسيبقون على نفس الدرجة من الغضب والرفض، أمام أجهزتهم الكئيبة.
الشائعات المغرضة تنفث سمومها فى الاستفتاءات الافتراضية فى فيس بوك، وازدهرت بشكل غير مسبوق فى الأيام الاخيرة، أردوا – مثلا –تسخين الأقباط بزعمهم كذبا منع الصلبان فى قانون بناء الكنائس، وامتلأ فيس بوك بصفحات وتعليقات ونكت وسخرية، ثم قلبوا على المسلمين، وأشاعوا أن الصلاة فى المساجد ستكون بأجر، اضرب هنا واضرب هناك، وروُج شائعات مجرمة، تجذب آلاف المعلقين الافتراضيين، وتحمل رئيس الجمهورية المسئولية، رغم كذبها وافتضاح أمرها وجرم مروجيها.
الشعب هو الذى يختار الرئيس وليس أشباح فيس بوك، والمصريون يحفظون للرجل أنه وضع حياته على كفه لإنقاذ الوطن، فأصبحت لنا دولة وغيرنا ضاعت دولهم، ويسابق الزمن لإعادة البناء والتنمية، والتعامل مع تلال من المشاكل والأزمات تنوء عن حملها الجبال، بعد سنوات من الفوضى والتخريب والحرائق والدماء، والشعب هو الذى يتحمل ويصبر أحيانا ويشكو أحيانا أخرى، لكنه فى النهاية مع الرئيس ولن يسمح بضياع مصر من جديد.