كلما هدأت مصر انفجرت الأزمات وألقيت علينا القنابل المسيلة للاحتقان من الخارج ومن يتبعهم، أو يقبض من المنظمات الحقوقية ، وأحدث تلك القنابل الفاسدة قنبلة الاختفاء القسرى، الذى ثبت بالدليل والبرهان أنه "كذبة" قسرية أرادت بعض المنظمات بالتعاون مع جماعة الإخوان الإرهابية تلبيسها لمصر وتصدير الأمر للعالم بأنها دولة قهر وخطف وتنكيل بالمعارضين، وأن الأرقام بالآلاف وانهالت البلاغات المشبوهة على المجلس القومى لحقوق الإنسان بدعوى الاختفاء القسرى المزعوم، وانتفض بعض الإعلاميين بلا وعى أو ربما رغبة فى التسخين ليتحمسوا للملف ويدافعوا عمن اعتبروهم الأبرياء المختطفين، وتهتز أركان المجلس القومى لحقوق الإنسان انفعالا بجريمة لو صحت لهدمت فكرة المجلس القومى لحقوق الإنسان من الأساس، فأكثر من 312 بلاغاً تلقاه المجلس القومى تحت بند الاختفاء القسرى، وهو رقم مخيف جعل التحرك سريعا ، لكن كان الأسرع هم بعض أعضاء المجلس الذين سيطر عليهم الانفعال غير الموضوعى وملأوا الفضائيات ضجيجاً وأطلقوا البيانات الاستنكارية والاتهامية وانحازوا دون أدنى موضوعية لمقدمى البلاغات، وكانت ننتيجة هذه " الزيطة" الحقوقية أن شوهت صورة مصر وأصبحت دولة الاختفاء القسرى، وزاد الطين بلة ظهور جريمة الشاب الإيطالى " ريجينى" وتهور البعض فى الربط بينها وبين ظاهرة " الاختفاء" المزعومة.
وبعد كل هذا نكتشف أننا أمام اتهام ليس وهميا ولكنه متعمد ومخطط فضحته ردود الداخلية التى تعاملت بذكاء مع الأمر، وتواصلت مع المجلس القومى لحقوق الإنسان، وأوضحت مصير 238 حالة من بين 267 حالة تلقتها من المجلس .
كانت أرقام الداخلية مهمة وقاطعة لكل شك أو ادعاء ، فهناك 44 حالة لا علاقة لها بهم ولم يتم القبض عليهم ولا حبسهم احتياطياً ويرجح أن يكون اختفاؤهم مرتبطا بالجماعات التكفيرية ، وهذا ما ثبت بالفعل فى كثير من الحالات التى ظهرت فى داعش أو فى ليبيا .
هناك أيضا 143 حالة محبوسين احتياطياً على ذمة قضايا و27 حالة تم إخلاء سبيلهم بعدما تأكدت الأجهزة من عدم وجود ارتباط بينهم وبين الجرائم المرتكبة .
لكن الأغرب فيما كشفته الداخلية أن 8 حالات من المبلغ عنهم باختفائهم قسرياً ثبت أنهم موجودون فى محال إقاماتهم، أى أنهم لم يتغيبوا أصلا، ورغم ذلك بلغ عنهم كمتغيبين قسريا، ولم يسأل أحد لماذا ادعوا ذلك، وهناك 9 حالات ثبت أنهم هاربون من تنفيذ أحكام، و6 حالات لمتغيبين فعليا ولهم محاضر شرطة، هذا بجانب حالات كشفت أسرهم عن مصيرهم ولا علاقة للشرطة بهم.
هذه الردود كانت كاشفة للكذبة التى كانت متعمدة ضمن مخطط تشويه مصر والشرطة تحديداً، وكان لتقرير المجلس القومى لحقوق الانسان الذى كان موضوعياً إلى أقصى درجة دور فى فضح هذا الملعوب الإخواني.
لقد خلص تقرير المجلس إلى 6 توصيات مهمة منها ضروة قيام الدولة المعادية بتجريم الاختفاء القسرى فى القانون والموافقة على الاتفاقية المعنية بتلك الجرائم.
الثانى : العمل على فحص الحالات المدعى إختفاؤها والعمل على جبر ضرر من كان منهم محتجزاً دون وجه قانوني.
الثالث : ضرورة الاهتمام بأسر المختفين من جانب الدولة أو أى جهات أخرى .
الرابع : تغيير قانون الاجراءات الجنائية على نحو يلبى المواد الدستورية المتعلقة بحماية المحتجزين فى إطار غير قانون .
الخامس : الاسراع فى البحث فى بدائل الحبس الاحتياطى فى العقوبات المحددة.
السادس : ضرورة إيجاد آلية متابعة من قبل النيابات العامة لقضية الاختفاء القسرى والنظر إلى جسامة الجريمة وفى الوقت نفسه مواجهة محاولات استغلالها وتوظيفها سياسياً من البعض.
ورغم اختلافى مع بعض التوصيات لكن يبقى الأهم، وهو أن المجلس القومى لحقوق الإنسان تعامل بوطنية مع قضية فى منتهى الخطورة وفندها بشكل محترم ليرد على مزاعم المترصدين، ورغم ذلك لا نستبعد أن يعيدوا الكرة مرة أخرى ويستغلوا هذا الملف الكاذب للضغط، فعلينا أن نستعد للمواجهة.