منظر يمزق القلب ووالدة الشهيد مصطفى يسرى تلقى نظرة الوداع الأخيرة على جثمان فلذة كبدها، الذى لا يتجاوز عمره 27 عاما، وعاش فى غيبوبة تامة عقب إطلاق الإخوان النار عليه بعد فض اعتصام رابعة، ادعو لها بالصبر والسلوان ولشهدائنا الأبرار بالجنة، استشهدوا من أجل أن نعيش وأن تبقى بلادهم حرة وعزيزة وكريمة.
بأى ذنب قتل مصطفى وعشرات الشبان وهم يدافعون عن بلادهم، ضد أقذر الأعداء فى تاريخ البشرية، أعداء يزعمون أنهم مسلمون، وهم أشد وبالا على الإسلام، لم يقتلوا عدوا يحتل بلادهم، ولم يوجهوا أسلحتهم ضد من يهدد أوطانهم، لكنهم يقتلون مصطفى ومحمد وأحمد وعلى وإبراهيم، ضباطا وجنودا فى ريعان شبابهم، مسلمون ويشهدون أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويصومون ويصلون، وكان مصطفى عائدا لتوه من أداء العمرة، وهل يتم مسح مخاخ الإرهابيين لدرجة أن يقتلوا أبناء وطنهم وهم صائمون قبل آذان المغرب ويمثلون بجثثهم؟
لن تسلم مصر ولن تمضى إلى المستقبل بأمان، إلا إذا تطهرت من دنس الإرهاب، والقاتل ليس فقط من يدوس على الزناد، فالأخطر من يملأ عقول الإرهابين بأفكار ومعتقدات، أخطر من الديناميت والمولوتوف والمتفجرات، فيتحولون إلى دمى قاتلة كالتى نشاهدها فى أفلام الرعب، بعد أن مُسحت عقولهم وأُغشيت قلوبهم، ومن المهم جدا أن نعرف كيف وصلوا إى هذا الحال.
لا يكفى أن يلتزم الأزهر الشريف بالحكمة والموعظة الحسنة، فنحن فى حرب متعددة الجبهات، وأخطر ما فيها معركة تطهير العقول من أفكار الإرهاب، وتحصين من لم يقعوا فى الشرك من أن يكونوا دعما جديدا لقوى الإرهاب، والأمر يتطلب ثورة دينية، رغم أننى لا أحب هذا التعبير، ولكن من ينزل إلى القرى والنجوع والأماكن النائية، سوف يكتشف مأساة حقيقية، حيث تنتشر أفكار التطرف والتكفير، وتهيئ الأجواء لإنتاج مزيد من الإرهابيين، مثل الذين يقتلون محمد وعلى وهما على سجادة الصلاة، ويعتقدون أن ذلك جهاد فى سبيل الله.
والدة الشهيد مصطفى يسرى، التى كانت تزغرد مذبوحة من الألم، وهى تودع نور عينيها، أم مصرية مثل سائر أمهاتنا، محجبة وبسيطة وفى وجهها علامة الصلاة، وتتسلح بالقرآن فى مواجهة أكبر محنة يمكن أن يواجهها إنسان، القرآن القرآن، دواء القلوب وسراج العقول وطريق الهداية، وربنا يصبرك.