لن يخاطر المصريون المقيمون فى السعودية بتكرار أزمة بصمة الحج، التى حدثت فى العام الماضى، بعد وقوعهم تحت طائلة إجراءات مشددة، تتمثل فى الترحيل وعدم دخول السعودية لمدة عشر سنوات، ورغم الجهود السياسية والدبلوماسية ونداءات العفو، إلا أن الأزمة ما زالت قائمة وتهدد خمسة آلاف مصريا وأسرهم على الأقل، يعملون فى المملكة مع زوجاتهم وأبنائهم الذى يملك العفو هو خادم الحرمين الشريفين.
علينا أن نعترف بأن المخالفين ارتكبوا خطأ، لسابق علمهم بتشديد شروط أداء الحج، وأن الإجراءات التى تستخدم بشأن القادمين من الخارج، هى نفسها التى تتبع حيال المقيمين، وأن سلامة الحجيج تقتضى حصرهم وتسجيلهم، ومنع المتسربين بطرق غير شرعية، لتجنب الحوادث بقدر الإمكان، وتخفيف حدة الزدحام، والتيسير على ضيوف الرحمن فى آداء مناسكهم.
بعض المصريين يتصور أن تكرار الحج والعمرة يزيد الحسنات ويذهب بالذنوب، وأن ذلك يغفر له اللجوء إلى الطرق الملتوية، ورأيت بنفسى فى موسم الحج الماضى، عشرات المصريين الذين دخلوا المملكة بما يسمى تأشيرة تجارية، دفعوا فيها ما لا يقل عن 25 ألف جنيه، ومن حسن حظهم أنهم نجحوا فى دخول مكة والمدينة، رغم أن التأشيرة تقصر إقامتهم فى الرياض والدمام فقط، علاوة على انتشار الشائعات بين أهالينا البسطاء، حول التأشيرات التى تباع فى القرى والأرياف، ويقع من يشتريها فى براثن النصابين.
تكرار الحج والعمرة فى السنوات المقبلة، لن يكون ميسورا لفئات كثيرة، بعد فرض رسم على المرة الثانية قيمته 2000 ريال، والتنظيم أصبح ضروريا وواجبا، فى ظل أزمة النقد الأحنبى التى تعانى منها مصر، وارتفاع سعر الريال لمعدلات غير مسبوقة، فالمصريون فى صدارة الشعوب التى تؤدى الحج والعمرة، رغم الظروف الصعبة، وتدبير التقد الأجنبى لضيوف الرحمن يلقى أعباء ثقيلة تضاف للأعباء الحالية، ولا مبرر لزيادة الضغوط باللجوء إلى الحيل والطرق غير المشروعة.
فى النفرة يتحرك 3 ملايين حاج مرة واحدة، من عرفات إلى مزدلفة، وهم يساوون دولة متوسطة الحجم، تهرول فى طريق قصير لا يتجاوز عدة كيلو مترات، وينتشرون فى مكة والمدينة ومنى، ويقع عبء تأمينهم وسلامتهم على السلطات السعودية التى تبذل قصارى جهدها، حتى ينتهوا من أداء شعائرهم ويعودوا إلى بلادهم سالمين، ومن حقها أن تتخذ من الشروط والإجراءات ما يضمن سلامة الحجيج.