تقترب الدورة البرلمانية من نهايتها ولم تنته بعد التشريعات المطلوبة والمكملة للدستور. وشاعت ظواهر التزويغ والانشغال ونواب الشنطة ممن يطاردون الوزراء بحثا عن توقيع أو موافقة على طلب. ناهيك عن تداخل المصالح، والخلط بينها من النواب بشكل يثير الكثير من علامات التعجب والدهشة، ويطرح السؤال المنطقى عما إذا كان هذا البرلمان مناسبا لمرحلة صعبة، وتحتاج إلى يقظة ووعى وإدراك لمعنى مجلس تشريعى رقابى.
لكن من أكثر النقاط إثارة للدهشة كان ظهور تداخل مصالح واختلاط داخل مجلس النواب. حيث حرص النواب على زيادة البدلات والمكافآت تماشيا مع ارتفاعات الأسعار، وإذا كان هذا مقبولا باعتبار أن النائب يجب أن تكون «عينه مليانة» فمن غير المعقول أن يعفى النواب مكافآتهم وبدلاتهم من ضرائب الدخل.
ثم إن رفع المكافآت يعنى أن يتفرغ النواب للمجلس لأن استمرارهم فى أنشطتهم يحمل شبهة تداخل مصالح، واستغلال نفوذ وتبادل منافع. حين يكون النائب مرؤسا سيكون من الصعب على رئيسه مراقبة عمله. وربما يحرص رئيس النائب فى العمل على كسب وده واتقاء شره ونفوذه ويمنحه أعلى أنواع الامتيازات، وحتى الوزير نفسه لا يمكنه محاسبة النائب إذا أخطأ، لأنه يمكن أن يواجه الوزير باستجواب أو طلب إحاطة، أو سؤال، ونفس الأمر لكى يحصل النائب على توقيعات أو إمضاءات تمثل استثناءً.
ثم أن نوابا كثيرين غير متفرغين، بعضهم يشغل مناصب إدارية كبرى أو وظيفية، وبالتالى هناك شبهات تداخل مصالح واضحة واستغلال نفوذ والجمع بين وظيفتين، وهى قضية حسمتها المحاكم منذ أيام الحزب الوطنى، عندما قضت ببطلان تولى النائب لأى مناصب بالشركات والحكومة، لأن فى ذلك تداخل مصالح. واستغلال نفوذ. ولا يمكن أن يكون هذا الأمر تم حسمه قبل 25 يناير، ويعود من أبواب خلفية.
وما نراه أن هناك نوابا يجمعون بين مقاعدهم ووظائفهم ويحصلون على رواتب من جهتين، ونفس الأمر فى وجود نواب يديرون شركات تتعامل مع الدولة، ويفعلون ذلك بأسماء أقارب أو أى ستار، وهو ما ظهر فى قضية صوامع وفساد القمح، كلها دلائل على أن هناك خلطا وتداخل مصالح يحتاج إلى وقفة، لأنه يعنى أن النواب يستثنون أنفسهم من كل القواعد والأعراف فتختلط المصالح بالوظائف والحصانات بالصوامع.